المكلف.
وأما القول بالإباحة: فدليله الصحيحة المتقدمة المقدمة على أدلة الحرمة، وقد عرفت أن المراد من الإباحة الترخيص في القراءة التي لها رجحان في نفسها بعد سقوط حده اللزومي من دون لحوق خصوصية موجبة لأرجحية الغير ولا موجبة لأرجحيته من الغير، فتدبر.
المبحث الثاني: في الأولتين من الصلاة الجهرية، وفيها قولان معروفان:
أحدهما: الكراهة كما نسب إلى المشهور، والثاني: حرمتها كما عن غير واحد، ومورد البحث ما إذا سمع القراءة ولو أصل الصوت العبر عنه بالهمهمة وأما إذا لم يسمع القراءة أصلا ففيها كما قيل أقوال: وجوب القراءة، واستحبابها، والجواز المطلق.
فالكلام في موردين:
الأول: في حكم القراءة مع سماع القراءة. ومستند القول بالحرمة مضافا إلى الأدلة العام، أخبار خاصة في الجهرية المفصلة بين السماع وعدمه، والخبر الذي ليس فيه ما يوجب الخدشة في دلالته على الحرمة ما في الصحيح أو الحسن (1) عن قتيبة " إذا كنت خلف إمام ترضى به في صلاة يجهر فيها بالقراءة فلم تسمع قراءته فاقرء أنت لنفسك وإن كنت تسمع الهمهمة فلا تقرء " وما في الفقيه (2) عن عبيد الله بن زرارة " إن سمع الهمهمة فلا يقرء " وأما سائر الأخبار الخاصة بالجهرية فهي محفوفة ببعض الخصوصيات المانعة عن الاستدلال، وليس في قبال هذين الخبرين خبر يدل على الجواز كالمسألة المتقدمة، فلا وجه لرفع اليد عن ظهورهما في الحرمة، وإن كانت سائر الأخبار قاصرة عن إفادة الحرمة، ومجرد احتمال ورود النهي مورد توهم الوجوب لا يكون صارفا لظهوره.
وأما مستند القول بالكراهة: كما هو المشهور، فظهور بعض الأخبار في عدم الحرمة لا مجرد عدم دلالتها على حرمة القراءة فمنها صحيحة ابن الحجاج (3) " عن