" أي صف كان أهله يصلون " الخ هو اعتبار عدم التباعد بما لا يتخطى بين المصلي بما هو مصل، ومن جملة حالاته حال السجود لا بين المصلي بما هو قائم فلا محالة يكون مدار أمر الخطوة على المسافة بين المسجد وموقف المتقدم وظاهر قوله (1) (عليه السلام): " أن تكون الصفوف تامة متواصلة بعضها إلى بعض " اعتبار تمامية الصف بما هو صف وتقاربه من صف آخر، والصف صف باعتبار الخط الطولي بين مواقف أهله يقال اصطف القوم أي قاموا صفا واحدا، وعليه فلا منافاة بين استحباب تفاوت الصفين بما لا بد منه للمصلي إذا سجد، ولزوم عدم الزيادة على الخطوة بين مسجده وموقف المتقدم، وحينئذ إذا قلنا: بأن الخطوة المذكورة هي المعتبرة أخيرا كما هو الظاهر نقول: بأن الخطوة الغير المتعارفة بين المسجد والموقف غير ضائرة، وإلا اقتصرنا في خصوص الصدر بالخلوة المتعارفة.
ويؤيد هذه الدعوى: إن الحكم لو كان صدرا وذيلا استحبابيا لم يكن وجه لقوله " وينبغي " إلى الآخر بعد بيان الاستحباب بأبلغ وجه بلسان نفي الصلاة في مقام كمالها، فالتكرار والتنزل من الأقوى إلى الأضعف ليس له وجه وجيه.
ثانيها: إن قلنا: بتمامية دلالة الصحيحة بالتقريب الأخير على مانعية البعد بما لا يتخطى فهو المطلوب وإلا فلا بد من الالتزام بمقالة المشهور، للاتفاق على أن البعد بمقدار مانع شرعا ولا تعين له شرعا، فالمرجع صدق القدوة والاجتماع عرفا ولا يصدقان مع البعد الكثير، فما لم يكن كثيرا منافيا للقدوة والاجتماع عرفا لا مانعية له شرعا.
أقول: أما القدوة فقد مر مرارا أنها غير متقومة عقلا إلا بالعدد، وقصد الائتمام، ومرجعه إلى ربط صلاته بصلاة الإمام، ولا يتقوم هذا المعنى بغيرهما عقلا. وأما الاجتماع على الصلاة فهي قابلة للتفاوت بلحاظ مراتب القرب والبعد عمن يجتمع معه على الصلاة إلا أنه نجد مع صدق الاجتماع عرفا وشرعا عدم صحة الجماعة ببعض مراتب البعد، كما وقع في من دخل المسجد وخاف فوات الركعة إذا