والقراءتان الطوليتان من مأموم واحد لا دليل على عدم تحمل الإمام لهما مع إطلاق " الإمام ضامن ". مع إمكان أن يقال: إن حديث " ضمان الإمام " وبدلية قراءته عن قراءة المأموم إنما هو بالنسبة إلى من ائتم به في حال القراءة، وأما المؤتم به بعدها، أو في حال الركوع فالقراءة ساقطة عن المأموم، لا أن قراءة الإمام بدل عن قراءة المأموم، لعدم المقتضي للبدلية، ولوجود المانع، أما عدم المقتضي فلما مر من أن ضمان الإمام بحسب دليله مقصور على من كان خلفه ولا يجوز له القراءة لاعن المأموم في جميع الأحوال، وأما وجود المانع فلأنه لا ريب في أن المأموم المسبوق إذا لحق الإمام في ركوع الركعة الثالثة يسقط عنه القراءة بنفس دليل جواز الائتمام به في هذه الحال، ولا معنى لأن يكون الإمام ضامنا بقراءته عن المأموم، إذ لا قراءة له في هذه الحال وقرائته في الركعة الأولى لو كانت بدلا عن قراءة المسبوق لزم القول به في الركعة الرابعة أيضا، مع أنه لا شبهة في أنه يجب عليه القراءة، فهو كاشف عن أن القراءة ساقطة حيث لا يتمكن منها، لا أنها مضمونة على الإمام، ولعل أحد الوجهين المتقدمين منشأ ما ذكره فقيه عصره في عروته (1) " إنه يجوز ولكنه خلاف الاحتياط ".
الخامس: إذا نوى الانفراد في أثناء الصلاة فتارة يأتي بفعل من أفعال الصلاة فرادى، وأخرى ينوي الانفراد في الكون المتخلل فقط، فإن كان من قبيل الأولى فتجديد نية الائتمام بعده داخل فيما قدمناه من جواز العدول من الفرادى إلى الجماعة، بل لعل ما نحن فيه من حيث سبق الجماعة منه أولى بالجواز، وقد مر أن الجواز غير خال عن الوجه وإن كان الأحوط خلافه. وإن كان من قبيل الثانية فلا موجب لبطلان الجماعة المانع عن الائتمام، إلا اعتبار استمرار النية، وحيث إن أصل اعتبار نية الاقتداء عقلي لتقومه بها فلا موجب إلا لوقوع الفعل الموصوف بالجماعة في قبال الموصوف بالفرادى عن نية مقومة للاقتداء المصححة لوقوع الفعل جماعة ووجودها وعدمها في الكون المتخلل بين الأفعال على حد سواء، والنية بهذا