وغاية ما يمكن الاستدلال به لمشروعية الجماعة في جميع الفرائض أمور:
أحدها: ما في صحيحة (1) زرارة والفضيل " قالا: قلنا له: الصلاة في جماعة فريضة هي؟ فقال: الصلاة فريضة وليس الاجتماع بمفروض في الصلوات كلها ولكنه سنة.. " الخبر. فإن الظاهر اتحاد مورد النفي والاثبات، فيكون الاجتماع في الصلوات كلها سنة، كما أنه ليس بمفروض في الصلوات كلها، سواء كان بنحو عموم السلب، أو سلب العموم، أما على الأول فواضح، وأما على الثاني فإن البعض الذي لا يكون الاجتماع فيه مفروضا يكون الاجتماع فيه سنة وهو ما عدا الجمعة والعيدين بشرائطهما فإنها التي يكون الاجتماع فيها مفروضا، ومنه تعرف أن الأولى حمله على سلب العموم، فتدبر.
إلا أن الظاهر أن مورد السؤال هي اليومية، فإنها التي ذهبت العامة إلى وجوب الجماعة فيها، إما عينا أو كفاية وهو المنشأ لسؤال مثل زرارة والفضيل، لعدم الالتزام بالجماعة في غيرها من المسلمين في صدر الإسلام إلى زمان السائل إلا ما هو معلوم عند هما من الجمعة والعيدين. ويؤكده ذيل الصحيحة فإنه هكذا " ولكنه (2) سنة من رغب عنها وعن جماعة المؤمنين من غير علة فلا صلاة له " فإن هذا التأكيد والتشديد ليس إلا في اليومية كما يتضح بالمراجعة إلى أخبار الحث على الجماعة إلا أن يقال إن مورد السؤال وإن كان هي اليومية إلا أن الإمام (عليه السلام) تفضل في مقام الجواب بالسلب والايجاب بنحو الكلية تعميما للفائدة وإلا لما كانت نكتة في قوله " في الصلوات كلها " إذ لا موجب لتوهم الوجوب في بعض الصلوات اليومية، والاستحباب في بعضها الآخر، حتى يجيب (عليه السلام) بأن حكم الكل واحد في السلب والايجاب، فإن العامة كما مر قائلون بالوجوب مطلقا إما عينا أو كفاية على اختلاف مذاهبهم، بل الأشهر بينهم أن الجماعة سنة مؤكدة، لا واجبة عينا أو كفاية، كما يظهر من تذكرة العلامة رحمه الله.