وأما هما معا فهو واحد بالاعتبار، ولا وحدة له إلا في أفق الاعتبار، فلا يتعلق به إلا واحد بالاعتبار فلا يعقل تعلق اقتداء واحد حقيقي في الخارج بما لا تحقق له إلا في أفق الاعتبار. وأما كل منهما مستقلا، فإن أريد تعلق اقتداء واحد بكل منهما مستقلا، فهو محال لأن الإضافات تتشخص بأطرافها فيستحيل تعدد الطرف ووحدة الإضافة، وإن أريد اقتدائين بكل منهما فذات الصلاة وإن كانت واحدة لكن لها تعلقان بائنين، وهذا لا محذور عقلي فيه، إلا أن الاطلاقات لا يعمها. وتوهم اختلاف المتضائفين في الوحدة والتعدد مدفوع بأن المقتدي بكل منهما متعدد، وذات المقتدى واحد كوحدة ذات الأب وتعدد الأبوة بتعدد البنوة، وحيث عرفت لزوم قصد الائتمام بواحد معين يقع الكلام فيها يتعين به، ولا ريب في أن المقدار الذي يقتضيه طبع الاقتداء تعينه في كونه طرفا، فما لا تعين له ذهنا وخارجا لا يعقل صيرورته طرفا للاقتداء الذي هو أمر تعلقي، ويكفي تعينه بأحد أنحاء التعين، فالمتعين خارجا بالإشارة الحسية كهذا الإمام الحاضر، يصح الاقتداء به، وإن جهل اسمه ووصفه، كما أن المتعين في ذهنه باسمه، أو وصفه الموجب لتميزه واقعا عمن عداه، وإن لم يتميز عنده خارجا بحيث لا يمكنه الإشارة الحسية إليه أيضا يصح الاقتداء به، ولا موجب للقصر على الأول بل المتعين واقعا بنحو الإشارة، أي يصلي مقتديا بمن يعينه من الإمامين الحاضرين أيضا لا مانع منه، فإن من يعينه فيما بعد له التعين فعلا في الواقع وفي علم الله تعالى وإن لم يعلم به المصلي فعلا، إلا أن دعوى عدم شمول الاطلاقات لمثله غير بعيدة.
الثانية في الموارد التي يحكم فيها ببطلان الجماعة وصحة الصلاة انفرادا، إذا لم يخل المصلي بوظائف المنفرد، إنما هو مع الجهل وأما إذا كان عن عمد تشريعا. فتفصيل القول فيه: إن التشريع تارة يكون في أصل الأمر، وأخرى في وجه من وجوه الأمر المحقق، وثالثة بالتشريع في مرحلة كالامتثال، وهي على أنحاء: