بقاء المحل يحب تدارك المنسي، إلا أن اعتبار كونه تتمة للركوع الأول لا لمجرد المتابعة لا دليل عليه. واستصحاب بقاء المحل لا وجه له لكونه من القسم الثالث من استصحاب الكلي وهو زوال فرد وحدوث فرد آخر مقارن لزواله.
ويمكن أن يقال: إنه لا شبهة في أن الركوع الثاني للمتابعة بقاء لا حدوثا إذا لا ركوع آخر من الإمام حتى يجب المتابعة فيه حدوثا، وإذا كان اعتبار المتابعة فيه من حيث البقاء فهو مستلزم لاعتبار بقاء الركوع الأول بالغاء رفع الرأس وجعله كالعدم، وعليه فالمحل في اعتبار الشرع باق فيجب فيه تدارك المنسي. إلا أن يقال: إن غاية ما يقتضيه اعتبار بقاء المتابعة هو بقاء الركوع من حيث كونه محلا للمتابعة، لا مطلقا حتى يرتب عليه آثار محل المنسي أيضا، ومع ذلك فالاحتياط بالتدارك مما لا ينبغي تركه، لأنه نقص لم يعلم اغتفاره لاحتمال بقاء محله، ولا وجه للتمسك " بلا تعاد " (1) لأن شموله لما نحن فيه مشكوك حيث لا تعاد مع فوات المحل لا مطلقا. مضافا إلى شبهة شموله لما في أثناء الصلاة. نعم لا يجب الاحتياط بإعادة الصلاة مع التدارك فإنه مع عدم بقاء المحل واقعا والمنسي مرفوع قطعا فلا يدور الأمر بين بطلان الصلاة ووجوب التدارك، فتدبر.
رابعها: لا ريب في جواز العود مع العلم الوجداني أو الاطمينان ببقاء الإمام راكعا، وأما مع الشك فيشكل العود للدوران بين وجوبه وحرمته لكونه زيادة غير مغتفرة، وليس من موارد التخير لامكان التخلص بقصد الانفراد، فليس أحد الأمرين مما لا بد منه حتى يتخير عقلا بين الفعل والترك، وقد مر سابقا إن مورد الرجاء ما إذا دار الأمر بين وقوعه امتثالا للأمر وعدمه، لا بينه وبين الزيادة المحرمة المبطلة للصلاة، فتدبر.
ومنه تعرف أنه إذا عاد بوجه سائغ فلم يدرك الإمام في الركوع لم يكن ركوعه امتثالا للأمر بالمتابعة حيث لم يكن مقدورا له واقعا، ولا دليل على اغتفار الزيادة إذا كانت بقصد المتابعة فقط، فإن المتابعة وإن كانت قصدية إلا أنها ليست مجرد