القراءة فروع أحدها: لا ينبغي الاشكال في استحباب التسبيح في الأولتين من الاخفاتية، لصحيحة الأزدي (1) قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): " إني لأكره للمؤمن أن يصلي خلف الإمام في صلاة لا يجهر فيها بالقراءة فيقوم كأنه حمار " قال: قلت:
جعلت فداك، فماذا يصنع؟ قال (عليه السلام): " يسبح " ولا ريب في أن موردها الاخفاتية لا عدم إجهار الإمام بالقراءة، لأنه مأمور فيها بالقراءة إما وجوبا أو استحبابا، فموردها ما لا قراءة عليه بوجه، ولذا يقوم المأموم ساكتا. نعم، إذا سمع قراءة الإمام الاخفاتية لقربه منه كان حاله حال ما إذا سمع في الجهرية كما سيجئ إن شاء الله تعالى، ولا تقتضي هذه الصحيحة التعميم في الاخفاتية لصورة السماع وعدمه، إذ فرض التشبيه بالحمار فرض عدم السماع وإلا كان سكوته والاصغاء راجحا.
ثانيها: في استحباب التسبيح في الأولتين من الجهرية والظاهر رجحانه إذا لم يكن منافيا للانصات الواجب أو المستحب، كما في حسنة زرارة (2): " إذا كنت خلف إمام تأتم به فأنصت وسبح في نفسك " فإن المراد من التسبيح في نفسه هو التسبيح الخفي الذي لا يمنع المسبح عن الاصغاء لقراءة الإمام، لوضوح أنه إذا لم يكن خفيا كان سماع تسبيحه مانعا عن الاصغاء إلى قراءة الإمام.
وأما حمله على الذكر القلبي مع عدم تبادره منه فغير وجيه، لأنه أشد منعا من التسبيح الجلي لاقتضائه كمال التوجه إلى ما في النفس ومورد هذه الرواية خصوص الجهرية، لتضمنها الأمر بالانصات، فما في كلام الشيخ الأجل (قدس سره) من التمسك بإطلاقها غفلة أو سهو من القلم. والله أعلم.