جانبيه، فراجع وتدبر.
ومنها: أن البعد الذي لا مانعية له هنا مطلق البعد، ولو كان كثيرا جدا أم لا؟
ظاهر الأخبار بلحاظ مواردها هو البعد الذي يرتفع بمجرد المشي في الركوع المنزل على المتعارف، أو القيام للقراءة المنزل على المتعارف فلا يعم البعد الكثير، وإن كان الكثير والقليل في المانعية على حد سواء، وتخيل شموله للكثير وتوزيعه على الركوع والقيام الأول والثاني، واستفادته من صحيحة عبد الرحمن (1) قد تقدم منعه، وأنه لا تتضمن الصحيحة إلا للمشي في قيام واحد.
وأما دعوى منافاته لصدق القدوة فمدفوعة: بأن المراد إن كان منافاته للقدوة شرعا، فهو أول الكلام من حيث كون البعد الكثير مانعا كما في غير هذه الحال أو لا. وإن كان منافاته للقدوة عرفا، فلا اعتبار بها شرعا مع أن الاقتداء لا يتقوم إلا بقصد ربط صلاته بصلاة الإمام ولا يتقوم هذا المعنى بالقرب والبعد، مع أن البعد عمن اقتدى به ولو كان كثيرا غير ضائر واتصاله بالمتصل بالإمام شرط شرعا لا مقوم للقدوة عرفا. والاجتماع المكاني غير مقوم للاقتداء لا عقلا، ولا شرعا، ولا عرفا، وقد عرفت أن الاتصال شرط شرعا لأن المأموم لا يقتدي إلا بالإمام لا بالمتصل بالإمام.
وبالجملة: فلا مانع من البعد الكثير نعم لا مقتضى لجوازه لقصور الاطلاقات المسوغة للبعد، وإن كان ظاهر الشيخ الأجل (قدس سره) في بعض تحريراته في الجماعة (2) جوازه حيث قال: " وأحوط منه أن لا يدخل مع البعد الخارج عن العادة أيضا كما حكي عن الفاضل المقداد وبعض آخر فإن ترك المستحبات احتياطا على الفرائض أمر مرغوب عقلا ونقلا وإن كان ذلك الاحتياط أيضا مستحبا " انتهى.
ومنها: إن المسوغ لعقد الجماعة هو الظن بالفوت، كما هو ظاهر صحيحة