لا يقال: لا إطلاق لدليل جواز الانفراد في الأثناء، لما إذا كما نية الائتمام في البعض من أول الأمر، إذ الغالب فيمن يعرض له داع في الأثناء، أو عذر فيه إنه ناو للاقتداء في تمام الصلاة من أول الأمر، ومعه يشكل الاستدلال بإطلاق الدليل الوارد مورد الغالب.
لأنا نقول: نية الاقتداء في تمام الأفعال أجنبية عن جواز الانفراد، وإنما هي مرتبطة بأحد أمور ثلاثة، إما بنفس الجماعة، أو باستحباب الجماعة، أو بأحكام الجماعة المستحبة، والمفروض أن الاقتداء في بعض الأفعال مصداق للجماعة، وإنه لا حقيقة للجماعة إلا الاجتماع مع الإمام في الصلاة، فإن كان الاقتداء في الكل كان جماعة في الكل، وإلا ففي البعض، كما أن المفروض الفراغ عن استحباب الائتمام في البعض، فإن الاستحباب غير متعلق بالمجموع بما هو، ولا بكل واحد مقيدا بالآخر، وعليه فكل ما يتمسك به لدفع تقيد الائتمام في البعض بالائتمام في الآخر يدفع به تقيد استحبابه بنية الائتمام في الآخر، فلم يبق إلا تخيل تقيد الأحكام بنية الائتمام في الكل من أول الأمر، مع أنها أحكام للجماعة المستحبة المفروغ عن موضوعها تماما، فلا مانع حينئذ من التمسك بإطلاق أدلة الأحكام، وإنما لا يصح التمسك بها فيما إذا كان الشك راجعا إلى موضوعها إما من حيث تحقق الجماعة وإما من حيث استحبابها.
الثاني: إذا ائتم بالإمام حال التكبيرة وانفرد بعدها وجبت عليه القراءة بلا خلاف ولا إشكال، إذ ليس حدوث الائتمام علة لضمان الإمام لقراءته بل بقاؤه على ائتمامه شرط في الضمان، كما هو ظاهر أخبارها ومنها (1) " سأله رجل عن القراءة خلف الإمام قال: لا أن الإمام ضامن للقراءة " وفي آخر (2) " إنه يجزيك قراءته " فمن لا يجوز له القراءة هو الذي يضمن الإمام قراءته، وليس إلا المؤتم به وخلفه وحال قراءته، ولا ينافيه سقوط القراءة عمن اقتدى به بعد القراءة، أو حال