احتسب بما تسمع ولو قدمت البصرة لقد سألك الفضيل بن يسار وأخبرته بما أفتيتك فتأخذ بقول الفضيل وتدع قولي قال علي: فقدمت البصرة وأخبرت فضيلا بما قال فقال هو أعلم بما قال لكني قد سمعته وسمعت أباه يقولان لا تعتد بالصلاة خلف الناصب واقرء لنفسك كأنك وحدك " ودلالتها على انعقاد الجماعة من وجيهين:
(أحدهما) من حيث الأمر باحتساب ما يسمع فإنه من خواص الجماعة الصحيحة (وثانيهما) من حث المقابلة بين قول أبي عبد الله (عليه السلام): وقول الفضيل حيث روي عدم الاعتداد فإنه بمعنى عدم احتسابه جماعة لا عدم احتسابه صلاة فيعلم منه أن قول أبي عبد الله (عليه السلام): الاعتداد بكونه جماعة في شدة التقية حيث كان في الجماعة الناصبة ولا يتمكن من القراءة بوجه فلما خرج عنهم أمر بواسطة الفضيل بالصلاة خلفهم مع القراءة فالصلاة في الثانية حقيقية والجماعة صورية، وفي الأولى كلتاهما حقيقية. فتدبر جيدا.
والانصاف إن ظهور هذه الأخبار في الانعقاد جماعة حقيقة مما لا ينبغي إنكاره لكنه على خلاف كلمة الأصحاب إذ لم أجد من يذهب إليه فلا بد من التصرف فيها بحملها على سقوط القراءة وهو أيضا خلاف المشهور إلا أن يحمل على مورد لا يتمكن منها بوجه حتى مثل حديث النفس الذي لا يسمعه من كان قريبا منه لشدة المراقبة من المخالفين له وسقوط القراءة ليس بمثابة انعقاد الجماعة لوجود نظيره فيمن أدرك الإمام راكعا كما سيجئ إن شاء الله تعالى.
الثاني: كما لا تنعقد الجماعة معهم في الفريضة ابتداء كذلك في المعادة والروايات فيها في بدو النظر متعارضة ففي جملة منها انعقادها في المعادة منها ما في الفقيه (1) " عن عبد الله بن سنان عنه (عليه السلام) إنه قال: ما من عبد يصلي في الوقت ويفرغ ثم يأتيهم ويصلي معهم وهو على وضوء إلا كتب الله له خمسا وعشرين درجة قال: وقال له أيضا إن على بابي مسجدا يكون فيه قوم مخالفون معاندون وهم يمسون في الصلاة فأنا أصلي العصر ثم أخرج فاصلي معهم فقال