إدراك الركوع.
وهذا التقريب وإن كان خاليا من المحذور الوارد على الأول إلا أنه ربما لا يناسبه مورد بعضها كقوله (عليه السلام) (1) " إذا لم تدرك تكبيرة الركوع فلا تدخل معهم في تلك الركعة " فإن لازمه الترغيب في ترك المستحب رأسا، إذ لم يفرض في مورده جماعة أخرى بحيث يمكن ادراك التكبيرة فيها، حتى يكون ترغيبا في ترك المستحب إلى ما هو منه أحب.
ويمكن حمل أخبار المشهور على إدراك الركعة بإدراك الركوع، وحمل هذه الأخبار على عدم إدراك فضيلة الجماعة وثوابها المقرر لها، ولا منافاة بين عدم الاعداد بإدراك الركوع فقط في إدراك الفضيلة المقررة للجماعة في الركعة، وبين إدراك نفس الركعة والاعتداد بها، ولا ينافي وقوعها مستحبة عدم إدراك الفضيلة المقررة لها شرعا، فيكون حالها حال سائر المستحبات، ولا ريب في أن اتيان المستحب بما هو لا يقتضي إلا أصل الثواب لإطاعة أمر المولى وجوبيا كان أو ندبيا كما أن إدراك الفضيلة ينفك عن إدراك الركعة فيما سيأتي إن شاء الله تعالى من إدراك الإمام في السجود، فكما يمكن إدراك الفضيلة دون الركعة يمكن إدراك الركعة دون الفضيلة فقوله (عليه السلام) (2): " لا تعتد " أي في مقام إدراك فضيلة الركعة وقوله (عليه السلام) (3): " فقد أدركت الركعة " أي في مقام أصل المستحب المرتب عليه أحكام خاصة من سقوط القراءة ونحوه، وهو المهم في المقام.
إلا أن هذا الوجه أيضا لا يخلو عن محذور، فإن الارشاد إلى عدم إدراك فضيلة الركعة ليس إخبارا محضا حتى لا يكون بين الاعتداد بالركوع في إدراك أصل الركعة، وعدم الاعتداد به في إدراك فضيلتها المقررة منافاة، بل يتضمن الترغيب في الخير الذي أرشد إليه والمنع عن الشر الذي أرشد إليه ولا معنى للترغيب في ترك المستحب لعدم كون ذا فضيلة زائدة على طبعة.