بالتسبيح دون الانصات، وظاهرها وإن كان وجوب القراءة على المأموم معينا، إلا أنه لا قائل به فيراد منه: إما الاستحباب أو مجرد رفع الحظر في موقع توهمه، فالجواز قدر متيقن على أي تقدير، إلا أن الرواية مجملة.
ويحتمل منه: بيان حكم المأموم المسبوق، ويؤيده تغيير السياق بقوله (عليه السلام): " وإذا كان في الركعتين الأخيرتين " أي الاقتداء، ويشهد له قوله (عليه السلام): " مثل ما يسبح القوم في الركعتين الأخيرتين " فإنه لا محمل له إلا الأخيرتين من المأموم المسبوق، وإلا لزم التناقض في الكلام، إذ في فرض عدم سبق المأموم تكليفه بمقتضى أول الكلام القراءة وبمقتضى آخره التسبيح.
وما عن الشيخ الأجل (قدس سره) في بعض تحريراته من ضبط الأخيرتين هكذا " الأخيرتين " قائلا: بأنه تثنية الأخرى لا تثنية الأخيرة حتى يتلائم الصدر والذيل، فلا شاهد له، إذ المضبوط في كتب الحديث كما ذكرنا، ولا يمكن أن تكون الأخيرتان تثنية للأخرى.
ومما ذكرنا: تبين: أن العمدة في المسألة عدم المقتضي للحرمة، وإلا فإقامة الدليل على الجواز في خصوص مورد البحث مشكلة. ومما ذكرنا يتضح: مدرك القول بتعين التسبيح هنا والتخيير في الجهرية، فإن الاطلاقات الخاصة الناهية عن القراءة هنا لا مقيد لها، بخلاف الجهرية فإن التبعية في الأخيرتين من الجهرية للأولتين منها بعد عدم القول بحرمة القراءة في الأولتين يقتضي كراهة القراءة فيقيد بها لأخصيتها ما دل باطلاقه على الحرمة في الأخيرتين.
ثم إنه بعد القول بجواز القراءة، فلا يصلح الخبران المتقدمان لاثبات مرجوحية القراءة، بل رواية أبي خديجة مقتضية لرجحانها بعد رفع اليد عن الوجوب. نعم، الروايات المانعة عن القراءة: فما كان منها إطلاقه منصرفا عن القراءة في الأخيرتين، فلا دلالة له على المنع بوجه حتى يحمل على الكراهة، وما كان منها يصرف النهي فهي إلى الكراهة: كرواية جميل بن دراج بقرينة السياق وكون القراءة على الإمام راجحة لا واجبة، فهو شاهد لكراهة القراءة على المأموم بخلاف رواية معاوية بن عمار، فإنها لا دلالة لها إلا على رجحان التسبيح، لا على مرجوحية