المصطلحة إذ لا مجال لها في العبادات فلا محالة هو للارشاد إلى مرجوحية القراءة وأرجحية غيرها، ولا معين للاحتمال الثاني لأن استفادة هذا المعنى، إما من نفس النهي وقد عرفت عدم إمكانها، وإما من الأمر بالانصات في مقام السؤال عن حال القراءة، وإثباته مشكل لأن الانصات إن كان بمعنى السكوت المطلق كان الأمر به استحبابا أمرا بترك القراءة فنقيضه وهي القراءة مرجوحة قطعا، لكنه ليس كذلك بل الانصات أما هو الاصغاء إلى قراءة الإمام مثلا كما عليه الفقهاء ويؤيده بعض الأخبار كالرواية الأخيرة (1) هنا حيث لا موقع للاستدراك بالأمر بالسكوت عن القراءة مع النهي عنها قبلا، وكما في حسنة زرارة (2) الآمرة بالانصات والتسبيح في نفسه، المراد منه الخفي الذي لا يشغله سماعه عن سماع قراءة الإمام، وإما هو السكوت مستمعا لكلام الغير، لا مطلق الاستماع، ولا مطلق السكوت، كما عليه أهل اللغة ولا يقال: في مقام الأمر بالسكوت أنصت بل في مقام السكوت مصغيا لكلامه، وعليه فإن أريد بالانصات الاصغاء فهو يجتمع مع القراءة كما يجتمع مع التسبيح والدعاء، فهو لا ضد للقراءة ولا نقيض لها حتى يقتضي رجحان الاصغاء مرجوحية القراءة، وإن أريد به السكوت عن إصغاء فالقراءة ليست نقيضا له بل نقيض مجموع الأمرين مجموع النقيضين، ولازمه مرجوحية القراءة لا عن إصغاء لا القراءة مع الاصغاء ولا السكوت مع عدم الاصغاء ولا يمكن الالتزام بكراهة القراءة مع الاصغاء وإلا لزم الالتزام بكراهة السكوت بلا إصغاء أيضا، نعم من الجواب عن السؤال عن حكم القراءة يظهر أن الوظيفة في صورة السماع هو الانصات دون القراءة وهذا دليل على عدم استحباب القراءة لا على كراهتها في الجماعة كما هو المشهور.
المورد الثاني: في حكم القراءة مع عدم سماع القراءة والهمهمة. وفيه أقوال أربعة: الحرمة، والوجوب والاستحباب والإباحة.