أما مدرك القول بالحرمة فليس إلا بعض العمومات كقوله (عليه السلام) (1):
" من قرء خلف إمام يأتم به فمات بعث على غير الفطرة " وتخصيصه بما دل على الأمر بالقراءة مع عدم السماع كما ستعرفه إن شاء الله تعالى لازم، فالقول بالحرمة ضعيف جدا. نعم يمكن استفادتها في المورد بالخصوص من صحيحة ابن سنان (2) المستدل بها لحكم القراءة في الاخفاتية وهي هكذا " إن كنت خلف الإمام في صلاة لا يجهر فيها بالقراءة حتى يفرغ وكان الرجل مأمونا على القرآن فلا تقرء خلفه " الخبر. فإن قوله: " حتى يفرغ " لا موقع له إلا في الجهرية بمعنى أن الإمام لا يجهر بالقراءة حتى يفرغ منها فلم يسمع المأموم شيئا من القراءة لا أن الصلاة إخفاتية حتى يفرغ.
وحينئذ فظاهر النهي دليل حرمة القراءة في الجهرية في صورة عدم سماع القراءة، وعلى أي حال فما سيأتي إن شاء الله تعالى مما هو نص في الجواز مقدم عليه كما أنه لخصوصية مورده مخصص للعمومات الناهية عن القراءة.
وأما مدرك الوجوب: فظاهر الأمر بها في صورة عدم السماع وجوبها كما في مصححة ابن قتيبة (3) " إذا كانت خلف إمام ترضى به في صلاة يجهر فيها بالقراءة فلم تسمع قراءته فاقرء أنت لنفسك " الخبر. وفي صحيحة ابن الحجاج (4) " وإن لم تسمع فاقرء " إلى غير ذلك، ولا بد من رفع اليد من ظهورها في الوجوب بما يدل على جواز ترك القراءة كصحيحة علي بن يقطين (5) حيث قال (عليه السلام): " لا بأس إن صمت وإن قرء " فإنها نص في جواز الترك، وهو المدرك للقول بالإباحة في قبال كونها من مستحبات الجماعة. ويندفع بأن الصحيحة ظاهرة في الإباحة الخاصة ونص في الجواز المجامع مع الاستحباب بل الكراهة وقوله (عليه السلام): " اقرأ " ظاهر في الوجوب ونص في طلب الفعل المجامع مع الوجوب والاستحباب، فيرفع