الشبهة التحريمية صح الحكم بالبراءة في الشبهة الوجوبية، لا من حيث إن الإباحة التعبدية في الأولى تقتضي التعبد بالإباحة في الثانية، فإنه أجنبي عن مفاد (كل شئ) مطابقة وتضمنا والتزاما.
بل معنى الاجماع على الملازمة أن مقتضى البراءة هي الشك في التكليف، فإن ثبت في مورد ثبت في غيره، ومع ثبوته في مورد يكون دليل الملازمة دليلا على ثبوته في الآخر، فإن الدليل المتكفل لترتب التالي على المقدم هو دليل على ثبوت التالي عند ثبوت المقدم، لا أن الدليل المتكفل لثبوت المقدم دليل على ثبوت التالي، وكذا الأمر إن قام الاجماع على التلازم بين جريان الاستصحاب في الوجوديات وبين جريانه في العدميات، فمع قيام (لا تنقض) الذي هو على الفرض مختص بالوجوديات نحكم بحكم الاجماع على الملازمة بجريانه في العدميات، لا أن التعبد الاستصحابي في أحدهما يقتضي التعبد بالآخر.
بخلاف ما إذا قام دليل على الملازمة بين الإباحة التعبدية في بعض أفراد الشبهة التحريمية والإباحة التعبدية في بعضها الآخر، فإنه لا يكفي استصحاب عدم الحرمة في إباحة غير مورد الاستصحاب، فإنه لا ملاك جامع بين جريان الإباحة بملاك اليقين والشك وجريان الإباحة بملاك الشك في التكليف، ولا ملازمة إلا بوحدة الملاك، لا أنه للفرق بين ثبوت أحد المتلازمين بالدليل أو الأصل، فإن الفرق مختص بالقسم الأول من الأقسام الثلاثة.
وأما الثالث فإنما يتصور فيما إذا كان اللازم أو الملازم لازما أو ملازما للأعم من الواقع والظاهر، فإن دليل الملزوم أو الملازم دليل على اللازم أو الملازم، والتعبد الاستصحابي بأحدهما محقق لموضوع اللازم ولطرف الملازمة للملازم، لا أنه يوجب التعبد بأحدهما كي يقال لا يثبت بالأصل.
ولعل مسألة الملازمة بين العقر والرد من هذا القبيل، فإن وجوب العقر مترتب على نفس الرد لا على جواز الرد، لوضوح أنه بمجرد الجواز ولو بالدليل لا يجب العقر، بل وجوبه عند الرد، فمع الرد عن استحقاق سواء كان واقعيا أو ظاهريا يجب