ومنها: أن الأرش ليس إلا لتدارك الفائت، وهذه العلة غير مخصوصة بعدم امكان الرد، فالاقتصار على الرد ليس إلا لأجل رعاية حال البائع، ولو كان كذلك لزم تقييد اطلاق الأرش بما إذا لم يرض البائع بالرد، مع أنه مطلق غير مقيد، فيعلم منه أن علة الأرش موجودة من أول الأمر، وأن الدليل الموجب للأرش في صورة عدم امكان الرد لبيان أحد فردي التخيير بعد تعذر الفرد الآخر.
وفيه: أن تدارك ضرر الفائت مقتض للأرش وللرد، إلا أن نكتة الترتب غير منحصرة في رعاية حال البائع، حتى تجب رعايتها بعد عدم امكان الرد، بل من الممكن أن تكون نكتة أخرى للترتب المزبور، ولا دليل على علته التدارك بنحو التمامية، ليقال بأنها موجودة من أول الأمر، بل ظاهر الدليل تمامية العلة بعدم امكان الرد.
ومنها: أن التقييد بعدم امكان الرد وارد مورد الغالب، إذ العادة مقتضية لعدم امساك المعيب، فلذا جعل الأرش بعد عدم امكان الرد بالتصرف المانع منه.
وفيه: أن احتمال ورود التقييد مورد الغالب إنما يجدي فيما إذا كان اطلاق لدليل الأرش، حتى يجمع بينه وبين الدليل المقصور على عدم امكان الرد بوروده مورد الغالب، والمفروض عدمه، ومجرد عدم المانع اثباتا لا يجدي مع عدم وجود المقتضي اثباتا كما هو كذلك ثبوتا، فتدبر جيدا.
ومنها: أن التصرف الذي هو شرط أخذ الأرش لا شأن له إلا كونه دالا على الرضا بالعقد والالتزام به، فلا مجال للرد حينئذ، ويتعين الأرش، وهذه الحيثية موجودة من أول الأمر، إذ لا يقدم على أخذ الأرش إلا عند الالتزام بالعقد، فلا حاجة إلى كاشف آخر.
وفيه: أن التصرف وإن كان دالا على الرضا بالعقد، إلا أنه لم يعلم أن ملاك شرطيته لجواز أخذ الأرش كما هو ظاهر دليله، هو كشفه عن الرضا، حتى يقال بأنه متحقق بنفس الاقدام على أخذ الأرش من أول الأمر.
- قوله (قدس سره): (وأصعب منه جعله مقتضى القاعدة بناء على أن الصحة... الخ) (1).