ومنها: أن الغالب في الأعيان الخارجية حيث إنه بقائها على خلقتها الأصلية وعدم عروض ما يخرجها عما هي عليها، فإذا ورد العقد على مثلها فالظاهر وروده على الغالب، وهو الصحيح السالم، إلا إذا قيد بشئ يصرف هذا الظهور كالتبري من العيب، فالظهور المستند إلى غلبة السلامة بمنزلة المقتضي لإرادة الصحيح مما ورد عليه العقد، والتجرد عما ينافي بمنزلة عدم المانع، فيحكم بفعلية المقتضي لمكان الغلبة والتجرد عن المنافي، فالاطلاق على هذا الوجه بمعنى عدم التقييد بالمنافي إلا أن نسبة إرادة الصحيح إلى الغلبة نسبة المقتضي إلى المقتضى، ونسبتها إلى الاطلاق والتجرد نسبة المشروط إلى شرطه، ومنه يعلم ما في نسبة اقتضاء الصحيح إلى الاطلاق من المسامحة.
ومنها: ما يظهر من عبارة المتن من أن الاطلاق بمعنى عدم التقييد بالصحيح، فإنه القابل لأن يستند إلى الغلبة، وأصالة السلامة بمعنى أن ظهور المتعلق في كونه الغالب السالم قرينة قد اعتمد عليها المشتري في ترك الاشتراط والتقييد بالصحة، وإلا فالاطلاق بمعنى التجرد عما ينافي لا يعقل أن يستند إلى غلبة السلامة كما هو واضح.
وعليه فالاطلاق بهذا المعنى لا شأن له أصلا، لا من حيث اقتضاء إرادة الصحيح، فإن المقتضي - كما عرفت - هي غلبة السلامة، ولا من حيث الشرطية، إذ لا معنى لأن يكون عدم التقييد بالصحيح شرطا لإرادة الصحيح ولا لإفادة الصحيح، كيف وعدم التقييد بالصحيح لفظا يجامع عدم إرادة الصحيح، وأنه حيث لم يرد الصحيح فلذا لم يقيده به اثباتا، كما يجامع إرادة الصحيح لوجود الدال عليه.
وبالجملة: ترك التقييد اعتمادا على وجود ما يدل على القيد معنى، ودلالة ترك التقييد على إرادة القيد معنى آخر، وما هو ظاهر اقتضاء الاطلاق لتعلق العقد بالصحيح بما هو صحيح هو الثاني، مع أنه أجنبي عن هذا الاقتضاء رأسا.
- قوله (قدس سره): (وإنما ترك اشتراطه صريحا اعتمادا... الخ) (1).