المختلف: (أن اقرار المشتري بالشراء اقرار بوجوب انتزاعه منه) (1) وإن كان هذا الجواب غير مجد بناء على مبناه، فإن الاقرار باشتغال ذمته ليس اقرارا بوجوب دفع الثمن، لأنه يجامع عدم الوجوب على مبناه، إلا أن الفرض أن المراد البراءة عن تسليم الثمن وهي الذمة المستعملة في باب التكليفيات، لا البراءة عن اشتغال الذمة المستعملة في الوضعيات، فإن المفروض صحة المعاملة وانتقال الثمن إلى البائع.
ثم إن البراءة عن وجوب دفع الثمن وجواز الامتناع معارضة بالبراءة عن حرمة المطالبة للبائع، وتجويز المطالبة للبائع مع تجويز الامتناع من المشتري كاللغو، فالأولى بناء على مبنى العلامة (قدس سره) في الخيار أن يقال بأصالة بقاء سلطنة المشتري على الثمن من حيث الامساك، فإنه قبل المعاملة كان له السلطنة لأجل الملك فيشك في بقائها لأجل السلطنة على الامساك في زمن الخيار للشك في الخيار ولا تتعدد السلطنة بتعدد السبب من الملك والخيار، إذ المسبب ربما يوجد بسبب ويبقى بعينه بسبب آخر، وتشخص الإضافات بتشخص أطرافها لا بتشخص أسبابها.
وأما البائع فسلطنته على المثمن قد انقطعت بزوال الملك ولا خيار له قطعا، فلا يشك في بقاء سلطنته على المثمن، وأما سلطنته على الثمن فمن حيث الملك لا شك في وجودها ولا في بقائها، وسلطنته من حيث التسلم مشكوك الحدوث لا أنه مشكوك البقاء.
- قوله (قدس سره): (ويمكن أن يخدش بأن المشتري... الخ) (2).
حاصله: كون الأصل المزبور محكوما بأصل آخر، والميزان في المدعي والمنكر ليس مجرد الموافقة والمخالفة لأصل من الأصول، بل لأصل غير محكوم بأصل آخر، ولا ريب في أن الشك في وجوب التسليم ناش عن الشك في الخيار، وهو مسبب عن الشك في التزام البائع بالوصف المفقود، والأصل عدمه، فكما لا مجال لأصالة البراءة كذلك لا مجال لأصالة عدم الخيار، فإنها أيضا محكومة، وإن كان الأصل الحاكم موافقا لها.