يجب التوصيف بها في العين الغائبة، فما الفرق بين العين الحاضرة والغائبة، فإن كان رفع الغرر من ناحية تلك الخصوصيات معتبرا، ولذا وجب ذكرها في الغائبة لزم رفع الغرر من طرفها بالاطلاع عليها في الحاضرة.
وجوابه (قدس سره) بكفاية رفع الغرر العرفي غير واف بالفرق بين المقامين، إذ المدعى أن الرؤية لا ترفع ذلك المقدار من الجهالة التي يجب رفعها في صورة الغيبة.
نعم يمكن أن يكون غرضه (رحمه الله) أن المدار ليس على رفع الجهالة من طرف أوصاف مخصوصة كي يقال لا بد من رفعها تارة بالتوصيف وأخرى بالمشاهدة والاطلاع عليها، بل المدار على عدم كون الاقدام المعاملي اقداما خطريا، وبمشاهدة العين لا يكون الاقدام خطريا عند العقلاء، فهذا من خصوصيات المشاهدة والرؤية، بخلاف العين الغائبة فإنه لا بد في اخراجها عن الخطرية في الاقدام على المعاملة عليها من التوصيف إلى حد لا يكون الاقدام خطريا.
والتحقيق: في الجواب عن الوجوه الثلاثة من الاشكال ما مر مرارا أن الأوصاف الدخيلة في مالية الأشياء على قسمين:
أحدهما: دخلها في مالية الشئ بلحاظ الأثر المترقب من ذلك الشئ عند نوع العقلاء، وبلحاظه يقدمون على ابتياعه وبذل المال بإزائه.
وثانيهما: دخلها في مالية الشئ بحسب الغرض الشخصي لكل أحد من المتعاملين.
فالأول: كالأوصاف الدخيلة في مالية الجارية مثلا من كونها سمراء أو سوداء أو طويلة أو قصيرة أو سمينة أو مهزولة فإنها التي تتفاوت الرغبات النوعية بلحاظ ما يترقب منها من وجوه الانتفاع بوطيها وخدمتها.
والثاني: كالأوصاف الدخيلة في ماليتها من كونها عارفة بالموسيقى وسائر الكمالات التي هي محط نظر بعض الأشخاص، ومتعلق غرض صنف خاص، فاللازم في مقام رفع الغرر حتى لا يكون الاقدام غير عقلائي وخارجا عن القانون المتداول عند العقلاء في مقام البيع والشراء هو الأول، فإنه الغرر المنهي عنه، دون