اللزوم واثبات الخيار.
إلا أن يقال: إن الملزوم وإن لم يكن من مبادئ ضرر الضمان تشريفا (1) إلا أنه موجب لعجزه عن دفع الضرر عن نفسه بالفسخ المصحح للتصرف في المبيع، فاللزوم مانع عن أعمال قدرته في دفع الضرر، وبهذا المقدار ينسب الضررية إلى اللزوم كلزوم المعاملة الغبنية، وإلا فأصل وقوعه في الضرر بسبب عقده الصحيح وبقاؤه بابقاء العقد، وما هو شأن اللزوم استقرار الضرر وعدم التمكن من رفعه، وهنا عدم التمكن من رفعه، إلا أن أعمال قاعدة الضرر في الفقه بهذا الترتيب يؤسس فقها جديدا كما عن غير واحد من الأعلام.
فالمستند هي الرواية، والضرر حكمة لا علة، والاعتبار يقضي بأن الخيار يوجب الجمع بين حقي المشتري والبائع، فإنه مع أعمال الخيار لا يتضرر البائع والمشتري، ومع عدمه يتضرر البائع فقط باقدام منه بترك الفسخ، ولا يقتضي هذا الاعتبار جعل الخيار في جميع موارد قاعدة ضمان المبيع، لأن المبيع هنا حيث إنه مما يتسارع إليه الفساد فهو مظنة التلف، بخلاف غيره فإن تلف المبيع بآفة سماوية اتفاقية، فتدبر جيدا.
منها: أن ظاهر جمع من الأساطين جعل الليل غاية للخيار كما نقل في الكتاب، مع أنه لا شبهة نصا وفتوى في أنه لا خيار في النهار وأن مبدأه الليل، وتأول تلك العبارات بأحد وجهين:
إما اطلاق الخيار باعتبار أول الأمر إليه بمضي اليوم واقبال الليل باعتبار وجود مقتضيه، وهو كون المبيع مما يؤول أمره إلى الفساد باقبال الليل، والمقتضي له ثبوت بثبوت مقتضيه، وفعلية مقتضاه باقبال الليل.
وإما بأن يراد من الخيار إلى الليل معنى غير الخيار الثابت من أول الليل، وهو كون المشتري مختارا في النهار في القبض والاقباض وله تأخيرهما إلى الليل، ولازمه بقاء البيع لازما إلى الليل، ولزوم الصبر على البائع إلى الليل كما لا يأبى عنه كلمات جملة