فيه، فيدل على الاشتراط، ومع قراءته مشددا فيمكن قراءة " قبض " بالتخفيف، فيكون المقبوض هو الثمن، ويمكن قراءته مشددا فيراد اقباض البائع، فالمقبوض هو المبيع، كما أنه يمكن اجراء الاحتمال الثالث المتقدم فيراد اقباض البائع بعد الثلاثة، أو قبض المشتري للمبيع بعد الثلاثة، فيسقط عن درجة الدلالة على الاشتراط، لأنه حكم ما بعد الثلاثة.
وربما يقال: بقراءة " قبض بيعه " مخففا في الطرفين ويراد من " بيعه " ثمنه لا مبيعه، نظرا إلى أن البيع من الأضداد فيقوم البيع مقام الاشتراء والمثمن مقام الثمن، فيراد من البيع اعطاء الثمن وأخذ المثمن، وحينئذ يراد من البيع بمعنى المبيع الثمن المعطى، ولا أظن وفاء كون البيع والاشتراء من الأضداد بهذا المعنى، بل معناه أنه يمكن أن يستعمل " باع الدار " بمعنى اشترى الدار، وأن يستعمل " اشترى الدار " بمعنى باع الدار، والمفعول على أي حال هو المعوض لا العوض، فالمبيع والمشترى واحد، لا أن المعوض والعوض واحد.
نعم إذا صدق البيع على البائع والمشتري حقيقة لا تغليبا لكون البيع من الأضداد صح قراءة " قبض " بالتخفيف " وبيعه " بالتشديد، فيراد قبض المشتري للمبيع إلا أن استفادة هذا المعنى لا يتوقف على هذه الكلفة، فتدبر.
ومما ذكرنا تبين أن الأظهر والأرجح من الاحتمالات قراءة " قبض بيعه " مخففا في كليهما، فيدل على الاشتراط.
فإن قلت: مقتضى هذه القراءة أن معنى قوله (عليه السلام) (وإلا فلا بيع بينهما) أنه إن لم يقبض المبيع له الخيار، مع أن عدم قبض المبيع إما شرط لثبوت الخيار أو جزء السبب له، فإن كان شرطا فتعليق الحكم على شرطه بلا وجه، لوضوح أن الشئ لا يتحقق بتحقق شرطه، وإن كان ينتفي بانتفائه، بخلاف تعليق الشئ على سببه، وهو عدم قبض الثمن، فإنه من المتعارف وإن كان له شرط، لأن الشئ يستند إلى مقتضيه، وإن كان جزء السبب فتعليق الحكم على جزء السبب أيضا بلا وجه.
قلت: حيث إن عدم اقباض المبيع عادة لعدم قبض الثمن فيكون عدم قبض