وأما ما عن شيخنا الأستاذ (قدس سره) في تعليقته الأنيقة (1) من عدم الفرق بين هذه الصورة والصورة الأولى لتمكنه من الفحص عن الأحكام كلية عند الالتفات إلى تشريع الشريعة والعلم الاجمالي بالأحكام، فترك الفسخ بترك الفحص الموجب للعلم اختياري، وإن كان فعلا غافلا عن خصوص هذا الحكم أو معتقدا لخلافه.
فقابل للمناقشة لما مر (2) من أن نفي اللزوم الموجب للتمكن وجدانا هو المؤثر تشريعا في دفع الضرر فعلا عن نفسه، ومن الواضح أن التمكن من الفحص كليا لا يوجب مثل هذا التمكن الوجداني، حتى يكون تركه موجبا لترك مثل هذا التمكن، حتى يكون تركه للفسخ مستندا إلى اختياره بعد التمكن الوجداني، فتدبر.
- قوله (قدس سره): (ولو ادعى الجهل فالأقوى القبول... الخ) (3).
القبول لأحد وجهين (4):
أحدهما: لأصالة عدم العلم المحققة لكونه منكرا فيقبل قوله بيمينه، وقد مر مرارا (5) أن تحقيق حال الأصل لتحقيق حال المدعي والمنكر، وإلا فمجرد الأصل لا يكون من موازين القضاء، وقد صرح (قدس سره) سابقا (6) بهذا الأصل في صورة الجهل بالموضوع، وقد عرفت أن هذا الأصل لا أثر له هناك وهنا ليكون موافقته ومخالفته محققة للمدعي والمنكر، وما لم يكن له أثر كان بحكم العدم قطعا، ومن الواضح أن الجهل بالحكم وإن كان ملازما لعدم التمكن من دفع الضرر إلا أنه لا يثبت بالأصل إلا على القول بالأصل المثبت، ولا حالة سابقة يقينية لعدم التمكن ليكون مجرى الأصل إلا بنحو السالبة بانتفاء الموضوع، وإلا فهو من حين انعقاد العقد إما عالم بالحكم فهو متمكن من دفع الضرر، أو غير عالم به فهو غير متمكن منه، كما أن أصالة بقاء خياره غير جارية عند المصنف (قدس سره) للشك في بقاء الموضوع إلى مضي مقدار الفورية العرفية، فلا أصل يوافق دعوى الجهل حتى يقبل قول مدعيه بيمينه.