لصارف عن هذا الظهور.
والتحقيق: أن المراد بالبيع هنا إن كان هو البيع الانشائي وهو العقد الذي يتسبب به إلى ايجاد الملكية الاعتبارية فالصحة واللزوم كلاهما من الآثار، والنفي بلحاظ أحد الآثار دون نفي الحقيقة، لتحقق البيع العقدي وجدانا، وما وقع لا ينقلب عما هو عليه، فلا بد من تعيين بعض الآثار بمعين، وإن كان هو البيع الحقيقي - أي ما هو بالحمل الشائع تمليك وهو المسبب - نظرا إلى أن وجود الملكية، باعتبار قيامه بالبائع قيام صدور ايجاد منه للملكية القائمة بذات المالك والمملوك، فلمثل هذا البيع وجود وعدم، لا صحة وبطلان، فحينئذ يكون النفي حقيقيا، وصرفه إلى خصوص لزوم البيع المحقق يحتاج إلى قرينة صارفة، وحينئذ نقول:
أما على الأول فبأن البيع بما هو عقد وإن كان أثره الظاهر منه نفوذه وتأثيره إلا أنه بما هو بيع أثره الظاهر منه لزومه، فإنه المعاملة المبنية على اللزوم، وحيث إن المنفي هو البيع بما هو بيع لا بما هو عقد ومعاملة، فالنفي متوجه إلى أظهر آثاره وخواصه وهو اللزوم، ولذا عبر عن لزومه في باب خيار المجلس بوجوبه وثبوته بقوله (عليه السلام) (وجب البيع).
وأما على الثاني فإن قلنا بأن هذا التركيب وهو " لا بيع " ظاهر بظهور ثانوي في نفي الأثر، كقوله تعالى (لا رفث ولا فسوق ولا جدال) (1) وقوله (عليه السلام) (لا صلاة لجار المسجد) (2) و (لا ضرر) (3) إلى غير ذلك فلا كلام حينئذ.
وإن لم نقل بانقلاب الظهور لعدم بلوغ الاستعمال إلى حد يوجبه فنقول بوجود القرينة الصارفة في هذه الأخبار لقولهم (عليه السلام) (لا بيع له) (4) فإن البطلان أو الانفساخ غير قابلين للتبعيض بحيث يكون العقد باطلا أو منحلا من طرف المشتري، فإن الأثر واحد فلا يعقل وجوده من طرف البائع وعدمه من طرف المشتري، والعقد واحد فلا يعقل أن يكون منحلا وغير منحل، بخلاف اللزوم فإنه يمكن أن يكون العقد لازما من