المغبون على الابقاء والقلع بالمعنى الذي عرفته، ولا تقتضي سلطنة الغابن على شئ من القلع والابقاء.
ومنها: أن قاعدة نفي الضرر حاكمة على دليل السلطنة كسائر أدلة الأحكام، وعليه نقول: إن سلطنة المغبون على القلع - ولو بمعنى المنع عن ابقاء الشجر - تستلزم تضرر الغابن بصيرورة شجره حطبا، ولا يجدي تداركه بأداء الأرش، لأن الحكم الضرري مرفوع بالقاعدة، لا الضرر الغير المتدارك، وليس سلطنته على الابقاء بمعنى المنع عن قلعه اضرارا بالغابن، ولزوم الأجرة عليه بدل ما يستوفيه من المنفعة ليس ضررا.
وأما سلطنة الغابن على القلع مع فرض ثبوتها فهي موجبة لإضرار المغبون بحفر أرضه، وتداركه بطمه لا يمنع عن شمول قاعدة الضرر كما مر (1)، كما أن سلطنته على الابقاء مع فرض ثبوتها كذلك، نظرا إلى أن ابقاءه اتلاف لمنفعة الأرض، والنقص المالي ضرر.
ويمكن أن يقال: إن استيفاء مال الغير بإزاء الأجرة وإن كان مزاحمة لسلطان الغير من حيث دوران جواز الاستيفاء مدار إذنه ورضاه إلا أنه ليس من باب الضرر وتداركه، بل هو عرفا استيفاء للمال ببدله، وهو غير بعيد، إلا أنك قد عرفت في الأمر المتقدم أنه لا سلطنة له على اشغال الأرض، ونتيجة هذا الأمر أن المغبون له السلطنة على المنع من القلع، فإنها غير ضررية، ولا تعارض بسلطنة الغابن على قلعه، فإنها على فرض ثبوتها ضررية، وليس للمغبون سلطنة على قلعه بمعنى المنع عن ابقائه، فإنها - كما (2) مر - ضررية، فيتعين الابقاء بالأجرة فإنه ليس ضرريا عليهما.
ومنها: أن الغرس فيما نحن فيه وإن كان في زمان ملك الغارس للأرض بمنافعها، لكنه حيث كان بعقد خياري فربما يقال إن الغرس في ملك متزلزل في عرضة الانتقال بمنافعها إلى من له الخيار إقدام من الغارس على ضرر نفسه، فليس وجوب تخلية الأرض - بقلع الشجر، ليتمكن مالكها من الانتفاع بها - ضرريا من الشارع حتى يكون