مرفوعا بقاعدة نفي الضرر، فسلطنة المغبون على المنع من الابقاء ليست ضررية، لمكان إقدام الغابن، كما أن ماله غير متدارك، لأن الغابن أسقط احترام ماله بنفسه.
ويندفع: بأنه لا إقدام مع الجهل بالخيار، بل ولا مع العلم ورجاء عدم أعمال الخيار أو الابقاء بالأجرة، بل ولا مع العلم بأعمال الخيار، لأن الغرس ليس بضرري، ولا إقدام منه إلا عليه، لا على القلع الذي هو ضرري، فهو نظير من أجنب نفسه متعمدا فإن ايجاب الغسل الضرري مرفوع لعدم الاقدام من المجنب على الغسل الضرري، ومنه تبين أنه لم يسقط بغرسه احترام ماله، فسلطنة المغبون على قلعه ضررية، ومال الغارس محترم.
ومنها: أن الغرس حيث كان في الملك وللغابن استيفاء المنفعة الأبدية فربما يقال:
إن غرس مثل الشجر الذي من شأنه البقاء مدة استيفاء للمنفعة في تلك المدة بغرسه، كالاستيفاء الاعتباري بالإجارة، وقد مر مرارا (1) أن مقتضى الفسخ عود العين بمالها من الأوصاف والحيثيات الموجودة حال الفسخ، وإذا فرض استيفاء المنفعة الموجودة بغرس الشجر من أول الأمر وعدم ضمان المنافع المستوفاة قبل الفسخ فليس العائد إلى المغبون إلا العين المسلوبة المنفعة، فلا منفعة له حتى يكون له السلطنة على المنع من استيفاء الغابن أو يكون له أجرة المثل.
والجواب: أن استيفاء المنفعة إما أن يكون حقيقيا يساوق اتلافها وخروجها من العدم إلى الوجود تدريجيا، فلا محالة لا بقاء لمثلها، وبقاء الأمور التدريجية الوجود بعين حدوثها شيئا فشيئا، وإما أن يكون اعتباريا بصيرورتها قبل الفسخ ملكا للغير، فلا منفعة باقية على ملك المفسوخ عليه لينتقل إلى ملك الفاسخ، ومن البين أن الغرس ليس استيفاء حقيقيا للمنفعة بعد الفسخ، بل انتفاع الشجرة بتشربها من أعماق الأرض تدريجي، فما كان منه بعد الفسخ لا يعقل أن يكون حاصلا بمجرد الغرس، والاستيفاء الاعتباري - الموجب للخروج عن الملك كالإجارة - مفروض العدم، فالمنافع التي للأرض تنتقل بانتقال الأرض بمجرد الفسخ من دون مانع عن