ثالثها: صحيحة الفضيل - التي استند إليها المصنف (قدس سره) - حيث قال (عليه السلام): (فإذا افترقا فلا خيار بعد الرضا منهما) (1).
وتقريب الدلالة بأحد وجهين:
الأول: أن يكون الافتراق المجعول غاية ما ينبعث عن الرضا بالعقد، بمعنى أنه بعد الفراغ عن أمر العقد والرضا به افترقا، وإلا فالرضا بالعقد ليس من مبادئ وجود الافتراق ولا من غاياته المترتبة عليه لتكون باعثة على إيجاده، وكلا الأمرين في غاية الوضوح، فلا معنى لكون الافتراق عن الرضا إلا أنه حيث تم أمرهما وفرغا عما اجتمعا عليه افترقا، ومن البين أن الافتراق الاكراهي مع المنع من التخاير غير منبعث عن الرضا بالنحو المزبور.
الثاني: أن يكون الافتراق من حيث كشفه النوعي عن الرضا بالعقد جعل غاية، والافتراق المكره عليه في فرض عدم التمكن من التخاير لا هو كاشف نوعا عن الرضا، ولا المفروض كاشف آخر - كما في صورة التمكن من التخاير -.
والفرق بين الوجهين كالفرق بين مقامي الثبوت والاثبات، فعلى الأول يكون الافتراق المتعقب للرضا غاية مجعولة، وعلى الثاني يكون الافتراق - بما هو - كاشف طبعي عن الرضا غاية وإن احتمل عدم الرضا فعلا، لا ما قيل من أن الرضا على الأول جزء السبب والافتراق جزئه الآخر دون الثاني، إذ من البديهي أنه مع فرض الرضا لا يتوقف سقوط الخيار على لحوق الافتراق، فلا معنى لكونه جزء السبب.
ويمكن تأييد الاستدلال بالصحيحة بتقريب: أن قوله (عليه السلام) (بعد الرضا منهما) إما أن يراد بعد الرضا بالبيع بذلك المعنى المعتبر في نفوذه، وإما أن يراد بعد الرضا بالبيع بالوجه الذي يعتبر في لزومه، وإما أن يراد بعد الرضا بالافتراق أي صدوره عن طيب ورضا في قبال الكره والاكراه.
فإن أريد الثالث فالأمر في عدم العبرة بالافتراق الاكراهي واضح، ولذا قيل بأنه نص في المطلوب على هذا التقدير، وإن أريد الثاني فهو المطلوب هنا، أي كون