توضيح المقام برسم أمور:
منها: أن افتراق كلا المتعاقدين هل هما غاية واحدة للخيارين أو افتراق كل منهما غاية لخيار نفسه، ظاهر الأخبار تحليل التثنية الواقعة فيها صدرا وذيلا من دون موجب لفظي لاختصاص التحليل بصدرها، فظاهرها أن البائع بالخيار ما لم يفترق عن المشتري وأن المشتري بالخيار ما لم يفترق عن البائع.
نعم ربما يتخيل المانع من تحليل الغاية عقلا بتوهم أن الافتراق أمر واحد فلا يتبعض، بل ربما يدعى أنه لا قيام للافتراق إلا بالمتحرك وأن الباقي ينسب إليه الافتراق من حيث إنه له أن يوجد المانع من تحققه بحركته معه، فبقاؤه بمنزلة رفع (1) المانع، فبهذه الملاحظة ينسب إليه الافتراق.
لكنك قد عرفت فيما مر (2) أن الافتراق من المعاني المتضائفة كالاجتماع، فهما من الإضافات المتشابهة الأطراف، فكل منهما مفترق عن الآخر حقيقة من دون دخل للحركة كما تقدم وجهه، والذي ينبغي أن يقال هو أن الخيار وإن كان متعددا إلا أن جعل الغاية متحدا أو متعددا يدور مدار اللغوية وعدمها، فإذا أمكن انفكاك إحدى الغايتين عن الأخرى صح جعلها متعددة، وإلا فمع عدم الانفكاك لا موجب لجعل كل واحد من الافتراقين غاية مستقلة، ومن الواضح أن المتضائفين متكافئان لا ينفك أحدهما عن الآخر.
نعم إذا لحق كلا منهما خصوصية قابلة لانفكاك إحديهما عن الأخرى - كالرضا والاكراه - صح جعل الغاية متعددة فنقول: تلك الخصوصية إن كانت خصوصية صدور الافتراق عن الرضا، فتارة يعتبر في كل من الافتراقين، وأخرى في أحدهما.
فإن اعتبرت في كل من الافتراقين أمكن انفكاك إحدى الغايتين عن الأخرى بحصول الافتراق من البائع عن رضاه وعدم حصوله من المشتري عن رضاه، ومع امكان الانفكاك لا موجب لصرف الظاهر المقتضي لتحليل التثنية صدرا وذيلا، وحينئذ يسقط خيار الراضي لحصول غايته، ولا يسقط غيره لعدم حصول غايته.