خوفا من حيوان مثلا، في قبال ما إذا فرقه الريح قهرا، إلا أن الظاهر من اسناد الفعل إلى الفاعل بالاختيار صدوره منه بطبعه لا بمشاركة الغير بحمله عليه.
وتقريب الثاني: أن الرضا بالعقد - وإن كان أجنبيا عن الافتراق وليس من مبادئ حصوله فهو أبعد من اعتبار الرضا في نفس الافتراق كما كان مقتضى التقريب الأول إلا أنه يتبادر الرضا بالعقد بمناسبة المقام، لكون المورد مما جرت الطريقة العقلائية فيه على نقض المعاملة قبل التفرق إذا لم يكونوا ملتزمين بالعقد بقاء فلا يتفرقون إلا عن رضا بالعقد، وحيث إن الاطلاق وارد في مثله فلا محالة يتبادر منه الافتراق عن رضا بالعقد، خصوصا مع أن الرضا بالعقد بقاء يكون غالبا باستمرار الرضا المقوم لصحة المعاملة، فيكون المراد إذا افترقا على ما هما عليه فلا خيار.
والجواب عن التقريب الأول: أن الاسناد إلى الفاعل المختار - بما هو كذلك - وإن كان يعين صدور الفعل بالاختيار، وإلا لزم الخلف، إلا أن اسناده إلى ذات الفاعل المختار الذي هو بالنسبة إلى بعض أفاعيله فاعل طبيعي وإلى بعضها الآخر فاعل بالقصد، وبالنسبة إلى بعض أفعاله قابل للأمرين، فمجرد الاسناد إليه لا يقتضي أن يكون فاعلا بالقصد، فضلا عن أن يكون داعيه أمرا طبعيا.
نعم ربما يقتضي الأمر الخارج عن مرحلة الاسناد تعين الاختيارية والقصد أو تعين الرضا والطيب الطبعي، وربما لا يقتضي شيئا منهما.
فالأول: كمتعلقات التكاليف، مثلا البعث نحو فعل حيث إنه لجعل الداعي الذي يتعقبه الإرادة ولا يعقل إلا معها، فلا محالة يكون متعلق التكليف فعلا اختياريا من دون فرق بين التعبدي والتوصلي كما حقق في محله، ولا دخل في هذه المرحلة للرضا والطيب الطبعي، كما لا مانعية للاكراه فيها، فيتحقق الواجب إذا صدر الفعل من المكلف بالاختيار، سواء كان راضيا أو كارها أو مكرها عليه.
والثاني: كالمعاملات التسببية المنوطة بالتراضي، فإنها مع كونها قصدية عقلا حيث إنه لا عقد عقلا بلا قصد - لا بد من الطيب والرضا المنوط بهما حلية المال والنقل والانتقال، فمع صدورها بالاكراه من الغير لا يترتب عليها أثر ما دام الاكراه، ولا