يجديها مجرد الاختيار.
والثالث: كالأسباب والغايات، فإنها بما هي لا تقتضي أحد الأمرين، ولذا لا شبهة في سببية اليد للضمان وإن كانت بلا شعور بأن المال للغير، وفي سببية الاتلاف وإن صدر من الجاهل والغافل والنائم ومن لم يستجمع شرائط التكليف أو المعاملة، كما لا شبهة في كون الغاية غير مقتضية لكونها فعلا، فضلا عن أن يكون اختياريا، فضلا عن أن يكون بطيب طبعي كامتداد الخيار إلى ثلاثة أيام، فكذا إلى انقضاء المجلس وزواله المصاحبة، هذا حال تبادر الاختيارية والارادية.
وأما كون الاختياري بطبعه لا بمشاركة غيره ليخرج المكره عليه.
فيندفع: بأن المكره عليه وغيره يشتركان في الإرادة بمباديها، ومنها موافقة الفعل للميل ولقوة من القوى، وليس الطيب والرضا أمرا آخرا، غاية الأمر أن الطيب تارة طبعي، وأخرى عقلي، فإذا كان لجلب منفعة موافقة لقواه الطبيعية يكون الطيب طبعيا، وإذا كان لدفع ضرر متوجه إليه من انسان أو من حيوان يكون الطيب عقليا، لموافقته لقوته العقلائية الحاكمة بدفع الضرر عن نفسه، فلا فرق بين الفعل الصادر لدفع الضرر المتوعد به، والفعل الصادر لدفع الضرر من فتك الأسد به مثلا، فإذا هرب من المجلس خوفا من الأسد لم يكن افتراقه عن ميله وهواه طبعا، بل عن ميله عقلا، ولا زال تصدر الأفعال بل جملة من المعاملات لدفع المضار من دون تشكيك في اسنادها إلى فاعلها ولا في نفوذها إذا كانت معاملية.
وأما مسألة مشاركة الغير هنا واستناد الفعل إلى الحامل ليكون فارقا بين الاكراه والاضطرار.
فمدفوعة: بأن الافتراق لا قيام له أصلا إلا بذات المتعاقدين، والسبب الحامل مفرق لا مفترق، فليس الافتراق فعلا قابلا للتسبيب والمباشرة معا، حتى يكون حمل الغير على الحركة موجبا لاشتراكه في الافتراق، أو صرف استناده عن الفاعل إلى الحامل.
وأما التقريب الثاني - الذي قد استند إليه المصنف العلامة (قدس سره) أخيرا - فالجواب عنه: