السقوط بالافتراق، ومع كونه مكرها عليه لا أثر له.
ومنه اتضح أن عدم التمكن ليس بنفسه مانعا عن السقوط بالافتراق، ولذا لو كان ممنوعا من التخاير ومع ذلك افترق باختياره لما كان شك في سقوط خياره.
نعم الكلام في كشف ترك الفسخ اختيارا عن الرضا والالتزام بالعقد، فيمكن أن يقال: إن العاقد حيث يرى تفرقه عن إكراه كلا تفرق فلا محالة يرى نفسه في سعة من الأخذ بالخيار، فلا يكشف تركه للفسخ عن اختيار عن الرضا والالتزام بالعقد.
كما يمكن أن يقال: إن العاقد الذي لا رضا له فعلا ببقاء العقد حيث لا يعلم بعواقب الأمر يبادر إلى أعمال الخيار لئلا يقع في ضيق الخناق، خصوصا لغير المطلع على حكم الاكراه، فتركه للفسخ كاشف نوعي عن الرضا بالعقد، وكان نظر من اقتصر في عنوان المسألة على مجرد الاكراه إلى الأول، ونظر من قيده بالمنع من التخاير إلى الثاني، ولعل الأخير أقرب إلى الطريقة العرفية.
ثم إنه قد استند القائل بعدم سقوط الخيار مع الاكراه على الافتراق - إما مقيدا بالمنع من التخاير أو على الاطلاق - بوجوه:
أحدها: تبادر الافتراق الاختياري - كما في كلمات القوم -، أو الافتراق عن رضا بالعقد - كما عن المصنف (قدس سره) -.
وتقريب الأول: أن مادة الافتراق وإن لم تكن متقومة بالقصد كالتعظيم وأشباهه، وهيئة افتراق وشبهها وإن لم تكن إلا لنسبة خاصة تناسب المادة بمقدار يحقق قيام المبدأ بذي المبدأ فيعم الاختياري والاضطراري، إلا أن نسبة المواد إلى محلها مختلفة، ففي الفواعل الطبيعية لا تستدعي إلا مجرد قيام المادة، وفي الفاعل بالإرادة والاختيار تستدعي صدورها منه بما هو فاعل بالقصد في قبال الفاعل بالطبع، وهذا المقدار الذي يقتضيه مقام الاسناد إلى الفاعل بالقصد لا يستدعي إلا انبعاث الفعل عن القصد، فيدخل فيه الفعل المكره عليه، لأنه فعل صادر بالإرادة، غاية الأمر أن الداعي المحقق للإرادة تحقق بتوعيد الغير، بل يدخل فيه قسم من الفعل الاضطراري وهو ما إذا حدث داع اضطره إلى إرادة الفعل، كما إذا هرب من المجلس