أن بناء العرف والعقلاء على الخيار ما دام المجلس غير معلوم، وعلى تقديره فورود الأخبار مورد امضاء الطريقة العقلائية غير معلوم، وعلى تقديره فامضاء أصله لا يستلزم امضاءه بما عندهم سعة وضيقا، بل مقتضى الاطلاقات الكثيرة منطوقا ومفهوما أن الأمر أوسع مما بنى عليه العقلاء، وأن مجرد الافتراق غاية الخيار لا الافتراق عن رضا بالعقد، مع أن هذه الدعوى لا تجدي لمانعية الاكراه، بل تجدي لشرطية الرضا بالعقد ولا يقولون بها، كما لا يقول بها المصنف (قدس سره)، فإنه لو كره العقد بعد انعقاده ولكن لم يفسخ العقد لزاجر عقلائي من نفسه فافترقا عن اختيار فإنه لا شبهة في سقوط الخيار، حيث لا إكراه على الافتراق ولا على ترك التخاير، مع أنه لا افتراق عن رضا بالعقد، وكذا لو افترقا غافلا أو جاهلا فإنه لا خيار مع أنه لا افتراق عن الرضا بالعقد.
مضافا إلى أن ظاهر الأخبار أن الافتراق هي الغاية للخيار، لا أنها أمر آخر والافتراق معرف لها، فإن الرضا لسبقه دائما على الافتراق هو المسقط لحق الخيار، ولا شأن للافتراق المتحقق بعده إلا محض المعرفية والكاشفية عن تحققه، ولا يمكن الالتزام بأن المجموع غاية، بداهة عدم الحالة المنتظرة للزوم العقد بعد الرضا وإن لم يتحقق افتراق أبدا، وسيأتي إن شاء الله تعالى بعض ما يناسب المقام في الوجه الثالث.
ثانيها (1): أن الافتراق المكره عليه لا أثر له، لدلالة حديث الرفع على رفع الآثار التكليفية والوضعية عن موضوعاتها التي عرضها الاكراه من الغير، كما عن المصنف العلامة (قدس سره) في المتن.
ويمكن أن يقال: إن الافتراق إذا كان مسقطا للخيار مطلقا كان عروض الاكراه مانعا عن ترتبه عليه، إلا أنه كما يراه المصنف (قدس سره) من أن مانعية الاكراه فيما إذا منع من التخاير أيضا، وأنه مع عدم المنع من التخاير يكون الافتراق مسقطا وإن كان عن إكراه، فلا وجه للاستدلال بحديث الرفع، إما لأن الفتوى في هذه الصورة على