وإن اعتبرت خصوصية الرضا في أحد الافتراقين فلا يمكن الانفكاك، لأن المفروض تضائف الافتراقين، فمع حصول الرضا من أحدهما يتحقق الغاية من الطرفين، فلا يعقل حصول الغاية من أحدهما دون الآخر حتى يعقل جعل الغاية متعددة وإن كانت تلك الخصوصية خصوصية صدور الافتراق لا عن اكراه.
فالتحقيق: أنها لا توجب الخروج عن اللغوية، إذ ليس الاكراه كالرضا قيدا للافتراق واقعا، بل خصوصية عدم الاكراه إنما اعتبرت بحديث الرفع الحاكم على الأدلة الواقعية، فهو لا يرفع إلا حكم الافتراق، وإذ لا يعقل أن يكون لكل افتراق أثر، فلا أثر كي يرفعه حديث الرفع، فليس في عرض الواقع ما يثبت القيدية حتى يكون بملاحظة جعل الغاية متعددة معقولا.
منها: أن المدار في اعتبار الرضا من الطرفين على صحيحة الفضيل، فإنها صريحة في ذلك، لقوله (عليه السلام) (فلا خيار بعد الرضا منهما) (1) والمدار في اعتباره من أحد الطرفين على الروايات الحاكية لحركة الإمام (عليه السلام) بعد العقد قائلا (بأني أردت أن يجب البيع حين افترقنا) (2)، فهي ظاهرة في كفاية افتراقه (عليه السلام) رضا ولو من دون التفات من الآخر، كما لعله المفروض، وإلا لما تعجل (عليه السلام) في المشي لا يجاب البيع.
أما صحيحة الفضيل فقد بينا (3) ما عندنا فيها، وأنه لا يوجب تقييد الاطلاقات، إلا أن البحث في هذه المسألة بعد الفراغ عن عدم سقوط الخيار بالافتراق الاكراهي من الطرفين، وإلا لكان افتراق أحدهما أولي بالسقوط من الافتراق الاكراهي للطرفين (4).
وأما دلالة الروايات على كفاية الافتراق عن رضا أحدهما في سقوط الخيارين، فالكلام تارة في عدم الرضا من الآخر مع فرض الرضا من الإمام (عليه السلام)، وأخرى في صلاحيتها لتقييد الاطلاقات باعتبار الرضا في الجملة، حتى تكون معارضة لصحيحة الفضيل بناء على دلالتها على اعتبار الرضا.
أما الأول فنقول: إن الرضا الموجب للزوم العقد ليس هو الرضا المقوم للبيع