الافتراق، ليقال: بأن نسبة الافتراق إلى المتحرك نسبة الشئ إلى موجد سببه، ونسبته (1) إلى الساكن من باب نسبة الشئ إلى رافع المانع، حيث إن حركته معه مانع عن تحقق الافتراق، فإذا سكن ولم يتحرك فقد دفع المانع عن حصول الافتراق، وبهذه الملاحظة ينسب الافتراق إلى الساكن، بخلاف ما إذا جعلنا مجموع الحركة والسكون مؤثرا في (2) حصول الفرقة بينهما، فإن نسبة الافتراق إلى كليهما على حد سواء.
ويندفع كل ذلك: بأن الحركة والسكون ليس لهما دخل في حصول الافتراق، لا بنحو الاقتضاء والسببية، ولا بنحو عدم المانع والشرطية، بل الحركة ملازمة لزوال المصاحبة والسكون أيضا كذلك، وأن سبب الحركة سبب لها بالذات ولملازمه بالعرض، وكذا الأمر في طرف السكون، فإن السكون (3) بقاء في المكان الخاص بسببه ملازم لعدم الحركة وهو السكون الملازم لعدم المصاحبة مع الآخر، فافهم جيدا وتدبر.
- قوله (قدس سره): (لا اعتبار بالافتراق عن اكراه إذا منع من التخاير... الخ) (4).
لا يخفي عليك أنه ليس التمكن من الأخذ بالخيار قيدا ودخيلا في كون الافتراق مسقطا، ولا عدم التمكن من الأخذ بالخيار يكون مانعا عن حصول الافتراق المجعول غاية، بل ترك التخاير مع التمكن منه حيث كان كاشفا عن الرضا والالتزام بالعقد فهو المسقط للخيار، حصل بعده الافتراق أم لا، وكان الافتراق عن اكراه أم لا، إذ لا أثر للافتراق بعد لزوم العقد حتى يكون الاكراه عليه مانعا عن ترتبه عليه.
ومنه تبين أن التمكن من التخاير ليس دخيلا في كون الافتراق مسقطا لسقوط الخيار بالرضا المنكشف بترك التخاير المقدور، فلا غاية حينئذ من الافتراق وغيره، كما أنه مع عدم التمكن من التخاير لا كاشف عن الالتزام بالعقد، فتصل النوبة إلى