المرسوم في مقام التوكيل والتفويض، فحينئذ لا مجال لسقوط الحق بمجرد الأمر، إذ مقتضى طبع التفويض بقاء الحق على حاله، وإنما المفوض إليه أعماله فسخا أو إمضاء، فقبل الأعمال لا موجب لسقوط الحق.
وإما أن يكون بعنوان التمليك ونقل الحق إليه، فيكون من قبيل انشاء الملزوم بانشاء لازمه، إذ تجويز التصرف بالاختيار نظير تجويز التصرف في الملك بقوله " خذه " وأشباه ذلك، وحيث إن الحق هو بنفسه إضافة قائمة بذي الحق لا بإضافة الملكية، فلذا لا معنى للتمليك بحقيقته، بل الحق قابل للنقل وقيامه بالمنقول إليه بعد قيامه بالناقل، والحق وإن كان أحيانا قابلا للنقل إلا أن حق خيار المجلس - حيث إنه كما مر (1) سابقا حق للمجتمعين على المعاملة ويكون مغيى (2) بافتراقهما - فلا يمكن نقله إلى غير من هو طرف للمعاملة، وحيث إن المفروض هو أن المنقول إليه طرف المعاملة فلا مانع من نقله إليه من هذه الحيثية، لكنه لما كان تعدد الخيار مع وحدة العقد ووحدة الحل - باعتبار تعدد أسبابه أو باعتبار تعدد ذي الحق - فبعد وحدة السبب ووحدة ذي الحق يشكل (3) اعتبار نقله، بحيث تتعدد السلطنة على الفسخ مع الوحدة من جميع الجهات الموجبة لتكثره وتعدده، فلا معنى لتمليكه ونقله إلا إرادة لازمه وهو رفع اليد عن حقه واسقاطه.
فهذا هو الوجه في أن طلب الاختيار بعنوان التمليك يوجب سقوط الحق، لا أنه يوجب بقائه وقيامه بالمأمور بالاختيار، فلذا لا فرق بين فسخه وسكوته وامضائه في عدم بقاء حق الآمر كليا لا بشخصه فقط، وهو مراد العلامة (قدس سره) في التذكرة في بيان الفرق، حيث قال: (وهنا كل واحد يملك الخيار، فلم يكن قوله تمليكا له، وإنما كان اسقاطا لحقه من الخيار) انتهى فراجع (4).
إلا أن طلب الاختيار لا دلالة له بنفسه على تمليك الحق ونقله ليستلزم اسقاط الحق، وأما إرادة التفويض فقد عرفت أن طبع التفويض يستدعي بقاء الحق حتى