خلاف الطريقة العقلائية في باب المعاملات المتداولة عندهم، إلا أن هذا التقييد إنما ورد في المفهوم الذي ذكر بعد الاطلاق، وظاهره أنه مفهوم ذلك المطلق لا أمر آخر، فتضعف دلالته على التقييد، مع ما يرد عليه من النقوض الآتية إن شاء الله تعالى (1).
- قوله (قدس سره): (لانصراف الاطلاق إلى أزيد منه... الخ) (2).
فرق بين مطلق الافتراق والافتراق المطلق، وما يكون افتراقا محضا عرفا من دون تدقيق عقلي هو الثاني، وعليه فمقدمات الحكمة وإن كانت تقتضي بنفسها مطلق الافتراق فإنه اللا بشرط من جميع الخصوصيات الصادق على أول مرتبة من الانتقال، لكنه بعد ما كان الافتراق بقول مطلق هو المتعين بنظر العرف الملقى إليهم الخطاب لم يكن إرادته بالخصوص منافيا للحكمة ونقضا للغرض، فلا مجال للاطلاق.
وأما ما أفاده (قدس سره) مرتبا على الانصراف بقوله (فيستصحب الخيار) فإنما يتم بالنظر إلى قوله (عليه السلام) (فإذا افترقا فلا خيار) (3) حيث إن منتهى دلالته على أن الافتراق المطلق يسقط الخيار، من دون دلالة له على أن مطلق الافتراق لا يسقط، فيتوقف إثبات بقاء الخيار في مورد الشك إلى الاستصحاب.
وإما بالنظر إلى الغاية كقوله (عليه السلام) (البيعان بالخيار ما لم يفترقا أو حتى يفترقا) (4) فلا حاجة إلى الأصل، لأن الظاهر منه عرفا أيضا أن البيعين (5) بالخيار ما لم يتحقق بينهما الافتراق بقول مطلق، فالحكم مع عدمه ثابت بالدليل من دون توقف على الأصل.
- قوله (قدس سره): (ثم إعلم أن الافتراق على ما عرفت من معناه... الخ) (6).
لا يخفى عليك أن الهيئة الاجتماعية الحاصلة للمتعاملين محققة لكون كل منهما مجتمعا مع الآخر ومصاحبا معه، وعدم هذا المعنى محقق لافتراق كل منهما عن الآخر، وعليه فنقول: