وزوال الشئ باستيفائه أو بذهاب موضوعه كالفسخ غير اسقاطه، فلا مساواة فضلا عن الفحوى، كما أن التقريب الأول إنما يتم إذا كان العبرة في الدلالة على الرضا بالكشف النوعي، فإن الكاشف النوعي تختلف مراتبه قوة وضعفا من حيث تطرق الاحتمال تارة وعدمه أخرى مع انحفاظ كشفه بطبعه أو إذا كانت العبرة بالرضا الفعلي، فالرضا الفعلي المتحقق في التصرف ليس معه احتمال عدم الرضا شخصا، ليكون الاسقاط أقوى كشفا منه، إلا أنه غير وارد عليه (قدس سره)، لأن الاعتبار عنده هناك بالرضا النوعي لا الفعلي، فالفحوى على تقدير إرادة هذا التقريب محفوظة.
- قوله (قدس سره): (ولعله لفحوى تسلط الناس على أموالهم... الخ) (1).
تقريب الفحوى: أن المراد بالأموال المضافة إلى الناس ما أضيف إليهم بإضافة الملكية، فإذا كانوا مسلطين على أملاكهم فهم أولى بأن يكونوا مسلطين على حقوقهم، لأن من كان له السلطنة على الأقوى كان له السلطنة على الأضعف بنحو أولى، ولا يخفى أن أمر الملك وإن كان أعظم من أمر الحق لمكان القوة والضعف، إلا أن هذه الأولوية إنما تجدي مع اتحاد المورد في الملك والحق، وليس ذلك إلا بملاحظة المشابهة بين الابراء والاسقاط، فإن الابراء يتعلق بالملك الذمي، والاسقاط يتعلق بالحق، فكلاهما اسقاط في اللب.
وفيه: أن الملك كما ينحل إلى ملكية وذات المملوك كذلك الحق ينحل إلى اعتبار الحقية والمال أو العقد أو الفعل الذي يتعلق به الاعتبار الحقي، وما هو قابل للابراء وله السلطنة عليه ذات الملك، فيبرء ما في ذمته فتزول الملكية، لا أنه يبرء إضافة الملكية، فله السلطنة على المال المملوك بالتصرف فيه بابرائه، لا السلطنة على الملكية بإزالتها واسقاطها، وكذا الأعراض - على القول به - إعراض عن المال لا عن الملكية، بخلاف ما نحن فيه فإن ما هو اسقاطي هو الحق لا متعلقه من المال أو العقد أو الفسخ أو استرداد العين، ومثله غير متحقق في الملك حتى يثبت في الحق بالأولوية.