إن أهم خطر مني به العالم الإسلامي هو الاستعمار الغادر فهو الذي أجهز على كرامته، وفتك بمقوماته، ومزق بلاده، وشتت أوصاله، وسلب حرياته ونهب ثرواته، ولا بد لنا من عرض إجمالي لبعض الأمور التي نفذ فيها الاستعمار وأفسد بها أوضاع البلاد وقضى على جهازها الفكري كما لا بد من بيان بعض متاركه البغيضة التي سببت تأخر الأمة وعدم انطلاقها في ميادين الحضارة العالمية وإلى القراء ذلك.
1 - في الحقل الاقتصادي:
إن أهم نقطة ولج فيها الاستعمار هي السيطرة على الوضع الاقتصادي في البلاد الإسلامية، فقد جعلها سوقا لمواده الإنتاجية ومصرفا لسلعه المصنوعة، وعرقل كل تقدم صناعي، وأجهز على جميع المشاريع الحيوية التي توجب تطور البلاد وازدهارها، كما عمل في توجيه الأنظمة المالية لخدمة مصالحه فوضع القيود الصارمة على الصادرات والواردات، وعلى عمليات التبادل والنقل والتأمين والتحويل الخارجي، وغير ذلك من الأمور التي توجب حصر تجارة البلاد بالأسواق الرأسمالية وعزلها عن الأسواق العالمية الأخرى.
إن الاستعمار الغادر لا يدع بأي حال مجالا إلى توجيه الاقتصاد العام نحو صالح المسلمين والترفيه عليهم بل يوجهه نحو مصالحه الخاصة، فيضع الخطوط العريضة إلى صرف الأموال الضخمة في المشاريع الاستراتيجية كإنشاء الجسور والطرق، والاستحكامات العسكرية كما يرصد المبالغ الطائلة إلى التسلح وشراء آلات الحرب التي تصنعها معامله إلى غير ذلك من الأمور التي تؤدي إلى عرقلة الاقتصاد العام وشيوع الفقر وعدم رفع مستوى المعيشة العامة حتى تبقى الجماهير