فهذه وصية * مخبر بحاليه طوبى لمن يسمعها * تلك لعمري كافية فاسمع لنصح مشفق * يدعى أبا العتاهية (1) إن الدعوة إلى الزهد التي رددها شاعر المجتمع العباسي الكبير كانت من نتائج فساد الحكم القائم، ومن مساوئ سلطانهم.
فقد قضت سياستهم الملتوية بإشاعة الفقر بين المواطنين وعلى نشر الثروة عند فئة خاصة قد أسرفت في التفنن بأنواع الملاذ.
هذه بعض مظاهر السياسة الظالمة التي يفقد المجتمع في ظلالها جميع ألوان التوازن، ويصاب بالانتكاسات الخطيرة التي تبدد جميع وسائل حياته ومقوماته وتسلبه الرفاهية والدعة والأمن والاستقرار.
حكم الإسلام فيها:
إن تحطيم الظلم، وإزالة شبحه البغيض من أهم الأهداف الأصيلة التي ينشدها الإسلام فقد حرمه في جميع المجالات سواء أكان في مجال الحكم وهو الظلم النوعي أم في غيره من ألوان الظلم والاعتداء على الناس بل حتى ظلم الإنسان لنفسه وذلك بإرهاقها وجرها إلى المنحدر السحيق الذي تفقد به أصالتها وكرامتها.
إن الإسلام ما نادى بشئ كما نادى برفع الظلم وإقصائه عن واقع الحياة فقد شجب جميع مظاهره وحمل معول الهدم على مفاهيمه كافة لأنه يهد الأمن