الطبقات وقد صور لنا أحد الشعراء بعض معالم الاستبداد الذي مني به المجتمع الإسلامي من جراء الحكم الأموي بقوله:
إني أعيذكم بالله من فتن * مثل الجبال تسامى ثم تندفع إن البرية قد ملت سياستكم * فاستمسكوا بعمود الدين وارتدعوا (1) إن السياسة الأموية قد تفجرت عن بركان من الظلم والجور فكوت بنارها جميع المواطنين وعم شرها جميع الأقاليم الإسلامية فلم يبق وطن في ميدان المجتمع الإسلامي الكبير إلا لحقه الظلم والإرهاق.
إن السياسة الجائرة في كل عصر تتنكر لجميع القيم التي تتوقف عليها حياة الشعوب وإنما ذكرنا الحكم الأموي واستشهدنا به فإنما هو لبيان بعض الأمثلة على انحراف الحكم عن المخططات الإسلامية العادلة التي تلزم الدولة التي تضفي عليها ثوب الإسلام بالسير على وفقها.
ومهما يكن من أمر فإنا نقدم إلى القراء عرضا موجزا لبعض مظاهر هذه السياسة الخاطئة التي حرمها الإسلام ثم نذكر بعد ذلك الحكم الإسلامي في وجوب تحطيمها وإزالتها وإلى القراء ذلك.
2 - الاستبداد:
إن الحكم الاستبدادي يتركز على ظلم الرعية والاستهانة بحقوقها وعلى عدم الاعتراف بإصالتها ووجودها فإن المستبد يتحكم في شؤون الناس بإرادته لا بإرادتهم ويحاكمهم بهواه لا بشريعتهم ويستند في حكمه وبقائه إلى قوة الحديد والنار وشراء الضمائر والذمم وقد بين طبيعة الحكم الاستبدادي وما فيه من