إن الدعوة إلى الإسلام والتبشير بمبادئه السمحة العادلة ضرورة ملحة لا تستغني عنها الإنسانية بحال فإنها تفتقر إلى حكم الإسلام افتقارها إلى الحياة لينقذها من واقعها المرير ويحطم عنها أغلال الشرك والاستعباد كما أنقذها في أيام حكمه من عسف الباغين وظلم الطغاة الحاكمين فالواجب على غيارى المسلمين والمصلحين منهم أن يقوموا بالتبشير والدعاية لدينهم في آفاق شعوب الأرض التي أصبحت في أمس الحاجة إلى من يرشدها إلى الحق وينير لها الطريق فإن الخدمة التي تؤدى إلى الإسلام إنما هي خدمة عامة تؤدى إلى الإنسانية المعذبة وهي أحوج ما تكون إليه. فقد أجدبت من الاصلاح وأدبر عنها الخير وأغرقت بالشر والشقاء.
إن الإسلام بنى للمسلمين. خير نظام اجتماعي وسياسي ووهب لهم قوة جبارة في تشريعاته الفياضة التي تواكب الوعي المتحرر والمنطق السليم. فعليهم - قبل كل شئ - أن يطبقوها على واقعهم ويرفعوا شعاراته وأهدافه إلى بقية الشعوب والأمم وهم مسؤولون أمام الله تعالى عن تبليغ رسالته وأداء أحكامه وإبراز معالمه.
ومما يبعث الأمل على نهضة المسلمين إقبال كوكبة من أبنائهم على دراسة تراثهم الديني وتطلبهم المزيد من الاطلاع على نظريات الإسلام وآرائه وهو مما لا شك فيه بداية الانطلاق لبناء مجدهم ونهضتهم وارتقائهم وعسى أن تكون هذه البحوث التي نقدمها في هذا الكتاب - بإخلاص وإيمان - مما تساهم على نشر بعض المفاهيم الإسلامية الخاصة في عالم السياسة والحكم. المقتبسة من سياسة الإمام أمير المؤمنين (ع) رائد العدالة الاجتماعية في الأرض، وأول حاكم في الإسلام صمد في وجه الأعاصير لم تخدعه السلطة، ولم يغره السلطان عن إقامة المثل الإسلامية حتى قال كلمته الخالدة: