ولكنه لا يخفى أن جميع هذه الإشكالات لا يصادم ظهور قوله (عليه السلام):
" صاحب الحيوان بالخيار " في اختصاص الخيار بمن أنتقل إليه.
أما أولا: فلأن حمل قوله " المتبايعان " على ما إذا كان الثمنان حيوانين وإن كان حملا على الفرد النادر، إلا أن قوله (عليه السلام): " صاحب الحيوان " أظهر في الاختصاص بمن أنتقل إليه من إطلاق " المتبايعان " خصوصا مع عدول الإمام (عليه السلام) عن قوله " المتبايعان بالخيار ما لم يفترقا " إلى قوله: وصاحب الحيوان، لأنه لو كان خيار الحيوان كخيار المجلس ثابتا لكليهما لكان اللازم أن يقال: المتبايعان بالخيار ما لم يفترقا، وهما بالخيار في الحيوان ثلاثة أيام. فعدوله (عليه السلام) في صحيحة محمد بن مسلم وفي صحيحة زرارة ليس إلا لبيان الاختصاص.
وأما ثانيا: فلمعارضة هذه الصحيحة الدالة بإطلاقها على ثبوت الخيار لهما مع رواية قرب الإسناد الصريحة في عدم ثبوت الخيار للبائع إذا كان المبيع حيوانا، ولا سيما التعليل الوارد فيه بقوله (عليه السلام): الخيار لمن اشترى نظرة ثلاثة أيام، فإن العلة وإن كانت حكمة التشريع وهي لا تقتضي الاطراد، إلا أن بمناسبة الحكم والموضوع يستكشف مناط جعل الخيار، وأنه للمنتقل إليه دون المنتقل عنه.
وأما الإشكال الثاني فغير وارد أصلا، لأنه لو كان قوله (عليه السلام): المتبايعان بالخيار، منزلا على ما إذا كان الثمنان حيوانين فيتحد حكمه مع غير الحيوان في ثبوت الخيار لهما، كان حق الرد متعلقا بما في يدهما أو حق الأخذ متعلقا بما انتقل عنهما لأن حل العقد وإبقاءه بيدهما على أي تقدير. والفرق الاعتباري الخارجي لا يوجب استعمال قوله (عليه السلام) " المتبايعان بالخيار " في معنيين.
وأما الإشكال الثالث فلا يخفى ما فيه، لأن ذيل الرواية لا ينفي صدره من حيث النصوصية والظهور، فإنه لو حمل صدره على ما إذا كان الثمنان حيوانين يصير مفاده اللفظي أنه لو كان الثمن والمثمن كلاهما حيوانا فالخيار لكليهما، ولو لم يكن كذلك بأن كان أحدهما حيوانا فلا خيار لأحدهما إلا خيار المجلس، وعدم إمكان العمل بذيله لا يوجب مناقضة ذيله لصدره.