الشريعة مجعول أوليس بمجعول، بل يمكن التمسك بالعمومات المخصصة بغير عنوان الموافقة والمخالفة أيضا كقوله (عليه السلام): المؤمنون عند شروطهم إلا شرطا حرم حلالا أو أحل حراما. ونحو ذلك، فيما إذا شك من جهة المخالفة والموافقة، لا من جهة الحلية والحرمة كما في أمثال المقام، فإن إطلاقها من تلك الجهة محفوظ، فيعم موارد الشك، فإن الشك في تحقق الملكية أو الحرية مثلا بالشرط لا ربط له بالحلية والحرمة، بل من جهة كونه مخالفا للكتاب وعدمه. فتلك العمومات أيضا لا مانع من التمسك بها فتأمل جيدا.
ولعل هذا هو الوجه فيما هو المرتكز في الذهن من عدم صحة البناء على فساد الشرط بمجرد احتمال مخالفته للكتاب ويأبى عنه الفهم المستقيم.
ولذا يرى أن الشيخ (قدس سره) مع إصراره البليغ ومنعه الأكيد لجريان استصحاب العدم النعتي بلحاظ العدم السابق على وجود الموضوع وعقد تنبيه لذلك في تنبيهات الاستصحاب يتشبث بذيل هذا الأصل في هذا الباب ويتم المطلب بذاك المشرب.
ولكن التحقيق ما ذكرناه من التمسك بالعمومات. ومنشأ الخلط تخيل أن الشك في هذه الموارد من جهة الشبهة في المصداق لتبين مفهوم المخالفة فمرجعه إلى أنه مخالف أم لا. ولكن قد عرفت أن مفهوم المخالفة عنوان منتزع عن أنواع الالتزامات المنافية للحكم المجعول في الشريعة، فلو كان الشك في أصل جعل الحكم أو في إطلاقه لمورد المشكوك فمستند إلى القصور في البيان الشرعي لا إلى الاشتباه من جهة الأمر الخارجي.
نعم، لو شرط في ضمن عقد ثم شك في كيفية شرطه بأنه كان على وجه يخالف الكتاب أو على وجه لا يخالفه فيكون الشبهة مصداقية.
ولكنه قليل جدا، بل غالب موارد الشك في المخالفة من إحدى الجهتين اللتين أشرنا إليهما، فلا مساس له بالشبهات المصداقية. فافهم واغتنم، فإن المقام صار مزلة لأقدام الأجلة، فضلا عن أمثالنا من الطلبة. والله الهادي إلى طريق الرشد والهداية.