عين وجوده لموضوعه، فإذا فرضنا أن المعروض من حيث انقساماته الأولية الملحوظة قبل انقساماته من حيث الأمور المقارنة له مطلق غير مقيد لا بوجود العرض نعتا له ولا بعدمه فتقيده بعدمه المحمولي يدافع مع هذا الإطلاق لا محالة.
وإن كان مقيدا به أو بنقيضه على وجه النعتية، فتقيده به كذلك - أي كونه أمرا مقارنا له - لغو صرف، لأجل الملازمة الواقعية بين نحويه من الوجود مثلا في قولنا " أكرم العالم " إذا كان العالم من حيث انقسامه إلى الفاسق ونقيضه مطلقا غير مقيد لا به ولا بنقيضه، فتقييده بعدم وجود فسقه مقارنا لوجوده يدافع مع هذا الإطلاق ويناقضه لا محالة. وإن كان مقيدا بعدم كونه فاسقا، فتقيده أيضا بعدم وجود الفسق في زمانه تقييد لغو مستهجن. فيتعين أن يكون العرض ملحوظا على وجه النعتية في مقام الإطلاق والتقييد بالنسبة إلى معروضه، ولا تصل النوبة إلى لحاظه عرضا ومحمولا، لما أشرنا إليه من أن لحاظ الموضوع إطلاقا أو تقييدا بالنسبة إلى عوارضه وانقساماته الطارئة عليه أولا مقدم على لحاظه باعتبار مقارناته.
فإطلاق الموضوع أو تقييده بالنسبة إلى عوارضه إنما يلاحظ بوجوداتها النعتية، ولا يعقل الإطلاق ولا التقييد بلحاظ وجوداتها النفسية. وبما هي أشياء في حد نفسها مباينة لوجود موضوعاتها فتأمل جيدا.
وأما من حيث الإثبات وملاحظة الأدلة، فلأن أخذ القيد في موضوع الحكم تارة بنحو المركب التوصيفي كقولك " أكرم العالم العادل " مثلا واعتباره نعتا لموضوعه بديهي في هذا القسم، واستصحاب وجود العدالة مقارنا للعالم لا يثبت عنوان " العالم العادل " كما هو واضح.
وأخرى بدليل منفصل كقولك " لا تكرم الفاسق من العالم " بعد الحكم بإكرام العالم مطلقا.
وهذا القسم أيضا يكشف الدليل المنفصل عن اعتبار نقيضه العدمي - أي من ليس بفاسق في مصب العموم - ويخرج العام عن كونه تمام الموضوع، فيساوق التوصيف غايته بعنوان عدمي الذي هو نقيض الخارج.