جميع موارد الالتزامات الصحيحة، إما التزام بفعل مباح أو مندوب، أو ترك مباح أو مكروه فكيف التوفيق!
ويمكن استفادة ما يذب به عن الإشكال مما ورد في بعض الأخبار من بطلان الحلف على ترك شرب العصير المباح دائما، معللا بأنه ليس لك أن تحرم ما أحل الله.
فيمكن أن يقال بأن الالتزام على ترك المباح تارة التزام بترك مصداق منه، أو بتركه مطلقا في برهة من الزمان، وهذا لا بأس به، لعدم مخالفته للكتاب لا من حيث الالتزام، ولا من حيث الملتزم.
وأخرى التزام بترك نوع مباح دائما - كالحلف على ترك شرب العصير دائما - وحينئذ يكون التزامه محرما لما أحله الله، كما في الرواية.
وبالجملة: يمكن الفرق بين الالتزام على ترك مباح نوعا أو بعض مصاديقه وكذلك بين تركه دائما أو في برهة من الزمان، ويكون ذلك توفيقا بين الأدلة، على حسب ما تقتضيه الرواية الواردة في العصير.
والإنصاف أنه لو لم تكن تلك الرواية كانت المسألة محل الشبهة. فتأمل جيدا.
ثم إن بناء على هذا التفصيل، فالقدر المسلم من صحة الالتزام ما إذا كان على بعض مصاديق المباح أو نوعه في برهة قليلة من الزمان، ومن عدم صحة الالتزام ما إذا كان على نوع المباح دائما. وأما الالتزام على بعض مصاديقه دائما، أو على نوعه في مدة متمادية، فيكون من موارد الشك، فالمرجع إلى الأصل.
وكيف كان فالمسألة لا يخلو عن التأمل والإشكال في بعض الموارد وأنحاء الالتزامات. فالأولى تأسيس ما يقتضيه الأصل فيها، حتى يكون هو المرجع في هذه المقامات.
والذي أفاده (قدس سره) هنا أن المرجع عند الشك في مشروعية الشرط أصالة عدم مخالفته للكتاب، خلافا لما اختاره في أصوله، وعقد تنبيها خاصا لعدم جريان هذا