ثم طرأ الانفساخ من جهة تلف الثمن الغير المقبوض فالانفساخ يقتضي رجوع كل مال إلى صاحبه الأصلي. وإذا كان كل منهما تالفا أحدهما قبل القبض والآخر بعده فالقاعدة تقتضي في تلف المقبوض الرجوع إلى قيمته يوم التلف بناء على ما اختاروه، ويوم تلف المبيع هو قبل الانفساخ - أي يوم البيع - وفي تلف الثمن حيث إنه قبل القبض يقتضي رجوع المبيع إلى مالكه الأصلي. ولما لم يمكن الرجوع بعينه فيرجع بماليته إما متقدرة أو غير متقدرة، ولا وجه لرجوع قيمته يوم الانفساخ. والفرق بين الفسخ والانفساخ لا وجه له.
هذا كله حكم التلف أو الإتلاف من المنتقل إليه. وظهر أنه لا فرق بين تلف ما عند الغابن أو المغبون، فحكم تلف ما عند الغابن بتلف سماوي أو بإتلافه حكم التلف عند المغبون.
بقي الكلام في إتلاف كل واحد ما عند الآخر وإتلاف الأجنبي، فلو أتلف الغابن ما عند المغبون فلو لم ينفسخ يأخذ قيمة ماله يوم الإتلاف، وإذا فسخ يأخذ ثمنه، ثم يرد عليه قيمة التالف يوم التلف أو يوم الفسخ أو يوم الأداء ويأخذ منه قيمة التالف يوم الإتلاف، بناء على أن الإتلاف يقتضي اشتغال ذمة المتلف بقيمة ذلك اليوم. فقد يختلف القيمة التي يردها والتي يأخذها.
ولو أتلف المغبون ما عند الغابن ثم فسخ يأخذ المغبون قيمة ماله على أحد الوجوه المتقدمة، ولكن يأخذ الغابن من المغبون قيمة يوم الإتلاف، زادت على القيمة التي قيل بها في التلف أو نقصت.
وبالجملة: كل مورد وقع تلف أو إتلاف في أحد العوضين دون الآخر فالباقي يرد إلى صاحبه الأصلي بالفسخ أو الانفساخ، وإنما الكلام في التالف في أنه يؤخذ قيمته يوم التلف أو يوم الفسخ أو يوم الأداء، فإذا قلنا بأن الإتلاف يقتضي قيمة التالف يوم الإتلاف، والفسخ يقتضي قيمة التالف يوم الفسخ أو الأداء، فإذا كان قيمة يوم الإتلاف مغايرا لقيمة يوم الفسخ أو الأداء يختلف ما يأخذه الفاسخ مع ما يأخذه المفسوخ عليه. وأما لو كان موافقا فيصير تهاترا قهريا.