ثم الاشتباه تارة مع بقاء العين، وأخرى مع فساده. وعلى التقادير فقد يكون الاشتباه في مورد الترافع - كما لو كان النزاع بين المتعاقدين - وأخرى في غير مورده، كما لو كان بين وارثهما، أو بين أحدهما ووارث الآخر، بمعنى أن يدعي أحدهما عدم العلم.
فلو كان العقد صحيحا وكان الاشتباه في مورد الترافع - أي كان أحد المتعاقدين - وهو من أنتقل عنه العين يدعي الهبة، والآخر البيع، والعين باقية في يد من ادعى البيع، فلو قلنا بالتحالف فيرجع العين إلى مالكه الأصلي. ولو لم نقل وفسخ مدعي الهبة فحيث إنه يشك في تأثير الفسخ فمقتضى الأصل بقاء أثر العقد، إلا أنه يعلم إجمالا إما بخروج العين عن ملك من انتقلت إليه، وإما بثبوت العوض عليه.
وحيث إن مدعي الهبة يدعي عدم استحقاقه العوض فيجب الصلح بينهما.
ولو كان النزاع بالعكس أي المالك الأصلي يدعي البيع والآخر الهبة - أي كان نزاعهما في ثبوت اشتغال ذمة من أنتقل إليه العين بالعوض وعدمه مع اعتراف المالك الأصلي بعدم استحقاقه الفسخ - فالأصل براءة ذمة مدعي الهبة عن العوض.
ولو كان الاشتباه في غير مورد الترافع - أي لا يدعي أحدهما أو كلاهما العلم بالواقع - فمقتضى استصحاب أثر العقد هو اللزوم. ومقتضى أصالة البراءة هو عدم اشتغال ذمة من بيده العين عن العوض، إلا أنه يعلم إجمالا بأنه لو فسخ طرفه فإما يجب عليه رد العين أو العوض، فلا يفيده أصل البراءة ويجب الصلح بينهما، لأن الطرف أيضا يعلم بعدم استحقاقه إما العين وإما العوض. ولو لم يكن العين باقية في هاتين الصورتين، ففي الصورة الأولى لو ادعى المالك الأصلي البيع حتى يستحق العوض فالأصل براءة ذمة من تلف عنده العين، ولو ادعى الهبة وثبت الفسخ في حال بقاء العين وادعى مماطلة الآخر في رد العين فالحكم كما في مورد بقاء العين، إلا أن هنا يعلم تفصيلا ببقاء العوض في ذمة من تلف عنده العين، أما المسمى على ما ادعاه من البيع، وأما المثل أو القيمة لعدم رده عين مال الغير مع تسليمه المماطلة.