فإذا كان قيمة من من الأنجبين دينارا وقيمة منين من الخل دينارا واختلطا وصارت القيمة ثلاثة دنانير فليس الاشتراك هنا أولا في العين بأن يأخذ صاحب الأنجبين منا من المخلوط وصاحب الخل منين، لأن بالخلط تصير قيمة الأنجبين ناقصة وقيمة الخل زائدة، فلا بد من أن يشتركا في المالية بأن يأخذ صاحب الأنجبين منا ونصفا وصاحب الخل أيضا كذلك، لأن هذا نسبة قيمة مالهما إلى المجموع، ولا يتوقف التقسيم والإفراز هنا على البيع، كما في قصارة الثوب، لأنه لا يمكن فيها تقسيم الثوب.
وأما حكم الصورة الثانية والثالثة فسيجئ. وعلى أي حال المزج في الصور الثلاث لا يوجب سقوط حق الخيار، ولا الرجوع إلى المثل أو القيمة.
نعم، لو كان الخيار متوقفا على بقاء العين بعينها سقط من هذه الجهة كخيار التفليس والعيب، كما أنه لو كان الجواز الحكمي أيضا متوقفا على البقاء - كما في الهبة - لا يجوز الرجوع عند الخلط.
وأما لو امتزج بالجنس ففي صورة تساوي الجنسين لا شبهة في الاشتراك في المقدار. إنما الكلام في المزج بغير الجنس في الصورتين الأخيرتين، والمزج بالجنس في صورة الخلط بالأردأ والأجود. وتنقيح البحث في جميع صور الامتزاج يتوقف على بيان أمرين:
الأول: أن الامتزاج في المائعات يوجب الاشتراك بمقتضى القاعدة الأولية، لما عرفت من أن التالف لا يتعلق به تكليف أو وضع، سواء حصل التلف قهرا أو بالاختيار عدوانا أو بحق. والمفروض أن الامتزاج موجب لتلف الخصوصية الشخصية من كل مال في جميع الصور، فكما لا يمكن أن يتعلق تكليف بإفراز المالين فكذلك الوضع، فمع تلف الشخصية لا يمكن أن يكون مالك المال قبل الامتزاج مالكا لشخص ماله بعد الامتزاج، فيوجب التلف الإشاعة قهرا عكس القسمة.
الثاني: أن للاشتراك مراتب ثلاثة، لا تصل النوبة إلى المرتبة اللاحقة إلا بعد تعذر السابقة.