الأولى: الاشتراك في الممتزج بنسبة المالين في المقدار، لأنه لو أمكن أخذ كل مالك من عين الممزوج بمقدار حقه قبل المزج فهو المتعين. وهذا في مزج الجنس بالجنس مع تساويهما في الصفات واضح، فإن الفائت ليس إلا الخصوصية الشخصية دون أصل المال ووصفه وماليته، فيأخذ كل منهما بمقدار حقه من العين.
الثانية: الشركة في العين بمقدار المالية لا بمقدار الوزن، وهذا كما في مزج الخل بالعسل، لأن الفائت هنا شيئان خصوصية المالين وتلف الصورة ولو عرفا، فإن الخل لم يبق بصورته الأولى ولا العسل، فهما شريكان في قيمة الممزوج، ولكن من نفس الممتزج، فإنه لا وجه لشركتهما في الثمن مع أن مادة مالهما موجودة.
الثالثة: الشركة في الثمن كما في قصارة الثوب وصبغه، فإنه لا يمكن الاشتراك في الثوب، فيباع ويقسم الثمن بمقدار المال والعمل، أو بمقدار المالين والعمل.
إذا عرفت ذلك ظهر أن الحق في المزج بالجنس مطلقا هو الشركة في المقدار.
نعم، لو امتزجه الغابن أو الغاصب بالأردأ فعليه أرش النقص، ولا وجه للشركة في المالية، لأنه إذا أمكن الشركة في المقدار لا تصل النوبة إلى الشركة في القيمة، فإن امتزاج الحنطة الجيدة بالرديئة لا يوجب إلا فوت الخصوصية الشخصية وتلف وصف الجودة. أما فوت الخصوصية فيوجب الشركة، وأما تلف الجودة فيوجب استحقاق الأرش، فلا وجه لأن يقوم المجموع ويأخذ كل منهما منه بمقدار قيمة ماله مع إمكان أخذ مقدار المال مع الأرش. وليس مزج الجيد بالردئ كمزج العسل بالخل في تلف الصورة حتى يقاس عليه، فإن الصورة باقية هنا عرفا.
وأما لو امتزجه بالأجود فلا شئ له، أما الغاصب فظاهر. وأما الغابن فلأنه لم يعمل عملا حتى يشترك في الثمن، وليس على أحد ضمان جودة ماله فلا شئ له، وزيادة صفة في مال المغبون رزق رزقه الله تعالى.
ثم لا يخفى ما في عبارة المصنف من اختصاص إشكال الربا في الخلط