وبالجملة: فرق بين الزرع والغرس في ورود الضرر على مالك الأرض.
نعم، غرس شجر التوت لدود القز حكمه حكم الزرع، فالأولى التفصيل بين موارد الغرس، ثم إنه لا يبعد أن يكون وجه التفصيل بين الغرس والزرع - من أن للزرع أمدا ينتظر - راجعا إلى ما ذكرناه من الفرق بينهما في الضرر وعدمه.
قوله (قدس سره): (ولو كان التغيير بالامتزاج.... إلى آخره).
لا يخفى أن المزج قد يكون اتفاقيا، وقد يكون بفعل شخص.
فإذا كان اتفاقيا فلا ضمان على من كان المال عنده وإن أوجب النقص لو لم تكن يده يد ضمان، وأما إذا كانت يده يد الضمان فحكمه حكم المزج عمدا.
وأما لو كان بفعل شخص فالنقص عليه لو كانت يده يد الضمان - كالغاصب، ومن بحكمه كما في مورد المعاملة الفاسدة أو المعاملة الصحيحة بعد القبض - لما تقدم سابقا أن كل نقص حصل في يد من عليه الخيار ومن بحكمه ممن يكون ضامنا للمقبوض فضمانه على ذي اليد.
ثم إن المزج إما أن يكون بغير الجنس أو بالجنس، والممزوج بغير الجنس قد يعد تالفا عرفا - كمزج ماء الورد بالنفط - وحكمه هو الرجوع إلى المثل أو القيمة، وقد لا يكون تالفا وهو على أقسام، لأنه إما يوجب المزج انقلاب المالين إلى حقيقة أخرى - أي به تتبدل الصورة النوعية للممتزجين إلى صورة أخرى، كما في مزج أجزاء الترياق الفاروق، ومزج الخل بالأنجبين على قول - وإما لا يوجب الانقلاب وهو على قسمين: قسم يرتفع الامتياز بينهما كمزج الخل بالدبس، وقسم لا يرتفع الامتياز، إلا أنه يتعذر أو يتعسر الإفراز بينهما، كمزج الحنطة بالشعير.
وحكم الصورة الأولى هو الاشتراك في المالية كما هو مقتضى القاعدة في كل مال اختلط مع الآخر اختلاطا يرفع التمييز، لأن الخصوصية العينية الشخصية لكل من المالين إذا ارتفعت لا يمكن أن يتعلق بهما حكم تكليفا كان أو وضعا، فيتعلق الوضع بأصل المالية، فيشتركان في العين بحسب المالية، أي يقوم الخل منفردا والأنجبين منفردا ويؤخذ لكل من المالكين قيمة الممزوج بالنسبة من نفس العين.