الثالث ترجع العين إلى ملك المغبون وبدلها إليه، حتى بناء على ما اختاره صاحب المقابس: من أن التلف وما بحكمه يوجب المعاوضة القهرية الشرعية، لأنه لا ينافي وقوع المعاوضة قهرا بالتلف وبطلانها برجوع التالف، إلا أن يكون للدليل الدال على وقوع المعاوضة إطلاق بحيث يشمل بعد رجوع التالف إلى حاله السابق، وحيث إنه لا دليل على ذلك من أصله فضلا عن إطلاقه، فلا فرق بين فسخ الغابن قبل فسخ المغبون أو بعده، قبل أخذ البدل أو بعده.
قوله (قدس سره): (ولو تصرف الغابن تصرفا مغيرا للعين.... إلى آخره).
لا يخفى عدم صحة ما فصله في النقيصة بين أن يكون النقص موجبا للأرش وبين ما لا يوجبه، فإنه مضافا إلى عدم صحته في نفسه يكون مخالفا لما اختاره في الأبواب الأخر من عدم الفرق بين الأوصاف.
وبالجملة: لو كان وصف الصحة الذي يوجب فقده الأرش في باب خيار العيب موجبا لكون الغابن ضامنا له لكان وصف الكمال أيضا كذلك، ولو لم يكن فقد وصف الكمال موجبا للضمان فلا يوجب فقد وصف الصحة أيضا، لأن التفرقة بينهما إنما يكون بأحد الوجهين:
الأول: كون وصف الصحة بمنزلة الجزء بأن يقع مقدار من الثمن بإزائه دون وصف الكمال، وذلك مما لا يلتزم به المصنف ولا يمكن الالتزام به، لأن الأوصاف وإن كانت موجبة لزيادة مالية المال إلا أنها لا تقع بإزائها في عقد المعاوضة شئ من العوض. وثبوت الأرش في مقابل وصف الصحة إنما هو بالتعبد، لا من جهة وقوع الثمن بإزائه، وإلا كان اللازم رد بعض من خصوص الثمن.
والثاني: أن يكون زوال وصف الصحة تحت اليد موجبا للضمان دون وصف الكمال، فيقال بأن الضمان المعاوضي وإن تبدل بضمان اليد بعد القبض إلا أن تبدله به إنما هو في خصوص العين ووصف الصحة دون وصف الكمال، وهذا أيضا مما لا يمكن الالتزام به، لأنه لا فرق بين الأوصاف في أنها بأجمعها مضمونة على المفسوخ عليه كما تكون مضمونة على الغاصب، لأن وجه الضمان في البابين هو قاعدة اليد.